إليهم ، لأنهم قد أحسنوا وقدّموا خيرا ، واختار هذا ابن جرير. قرأ الجمهور (أُولِي الْأَيْدِي) بإثبات الياء في الأيدي. وقرأ ابن مسعود والأعمش والحسن وعيسى (الْأَيْدِ) بغير ياء ، فقيل معناها معنى القراءة الأولى ، وإنما حذفت الياء لدلالة كسرة الدال عليها ، وقيل : الأيد : القوّة ، وجملة : (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) تعليل لما وصفوا به. قرأ الجمهور (بِخالِصَةٍ) بالتنوين وعدم الإضافة على أنها مصدر بمعنى الإخلاص ، فيكون ذكرى منصوبا به ، أو : بمعنى الخلوص ، فيكون ذكرى مرفوعا به ، أو يكون خالصة اسم فاعل على بابه ، وذكرى بدل منها أو بيان لها أو بإضمار أعني أو مرفوعة بإضمار مبتدأ ، والدار يجوز أن تكون مفعولا به لذكرى وأن تكون ظرفا : إما على الاتساع ، أو على إسقاط الخافض ؛ وعلى كلّ تقدير ؛ فخالصة : صفة لموصوف محذوف ، والباء : للسببية ، أي : بسبب خصلة خالصة. وقرأ نافع ، وشيبة ، وأبو جعفر ، وهشام عن ابن عامر بإضافة خالصة إلى ذكرى على أن الإضافة للبيان ، لأن الخالصة تكون ذكرى وغير ذكرى ، أو على أن خالصة : مصدر مضاف إلى مفعول ، والفاعل : محذوف. أي : بأن أخلصوا ذكرى الدار ، أو مصدر بمعنى الخلوص مضافا إلى فاعله. قال مجاهد : معنى الآية استصفيناهم بذكر الآخرة فأخلصناهم بذكرها. وقال قتادة : كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله. وقال السدّي : أخلصوا بخوف الآخرة. قال الواحدي : فمن قرأ بالتنوين في خالصة ؛ كان المعنى جعلناهم لنا خالصين ؛ بأن خلصت لهم ذكرى الدار ، والخالصة : مصدر بمعنى الخلوص ، والذكرى بمعنى التذكر ، أي : خلص لهم تذكر الدار ، وهو أنهم يذكرون التأهب لها ، ويزهدون في الدنيا ، وذلك من شأن الأنبياء. وأما من أضاف فالمعنى : أخلصنا لهم بأن خلصت لهم ذكرى الدار ، والخالصة مصدر مضاف إلى الفاعل ، والذكرى على هذا المعنى الذكر (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) الاصطفاء : الاختيار ، والأخيار ، جمع خيّر بالتشديد ، والتخفيف ؛ كأموات في جمع ميت مشدّدا ومخففا ؛ والمعنى : إنهم عندنا لمن المختارين من أبناء جنسهم من الأخيار (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ) قيل : وجه إفراده بالذكر بعد ذكر أبيه ، وأخيه ، وابن أخيه ؛ للإشعار بأنه عريق في الصبر الذي هو المقصود بالتذكير هنا (وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ) وقد تقدّم ذكر اليسع ، والكلام فيه في الأنعام ، وتقدّم ذكر ذا الكفل والكلام فيه في سورة الأنبياء ، والمراد من ذكر هؤلاء أنهم من جملة من صبر من الأنبياء وتحملوا الشدائد في دين الله. أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن يذكرهم ليسلك مسلكهم في الصبر (وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) يعني : الذين اختارهم الله لنبوّته ، واصطفاهم من خلقه (هذا ذِكْرٌ) الإشارة إلى ما تقدّم من ذكر أوصافهم ، أي : هذا ذكر جميل في الدنيا وشرف يذكرون به أبدا (وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ) أي : لهم مع الذكر الجميل حسن مآب في الآخرة ، والمآب : المرجع ، والمعنى : أنهم يرجعون في الآخرة إلى مغفرة الله ، ورضوانه ، ونعيم جنته. ثم بين حسن المرجع فقال : (جَنَّاتِ عَدْنٍ) قرأ الجمهور (جَنَّاتِ) بالنصب بدلا من حسن مآب ، سواء كان جنات عدن معرفة أو نكرة لأن المعرفة تبدل من النكرة وبالعكس ، ويجوز أن يكون جنات عطف بيان إن كانت نكرة ، ولا يجوز ذلك فيها إن كانت معرفة على مذهب جمهور النحاة وقد جوزه بعضهم. ويجوز أن يكون نصب جنات بإضمار فعل. والعدن في الأصل : الإقامة ،