سورة الزّمر
هي اثنتان وسبعون آية ، وقيل خمس وسبعون ، وهي مكية في قول الحسن ، وعكرمة ، وجابر بن زيد. وأخرج ابن الضريس ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : أنزلت سورة الزمر بمكة. وأخرج النحاس في ناسخه عنه قال : نزلت بمكة سورة الزمر سوى ثلاث آيات نزلن بالمدينة في وحشيّ قاتل حمزة (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) الثلاث الآيات. وقال آخرون : إلا سبع آيات من قوله : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) إلى آخر السبع. وأخرج النسائي عن عائشة : قالت : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصوم حتّى نقول ما يريد أن يفطر ، ويفطر حتّى نقول ما يريد أن يصوم ، وكان يقرأ في كلّ ليلة بني إسرائيل والزمر» وأخرجه الترمذي عنها بلفظ : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا ينام حتّى يقرأ الزّمر وبني إسرائيل.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦))
قوله : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) ارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف هو اسم إشارة ، أي : هذا تنزيل. وقال أبو حيان : إن المبتدأ المقدّر لفظ هو ؛ ليعود على قوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) ، كأنه قيل : وهذا الذكر ما هو؟ فقيل : هو تنزيل الكتاب ، وقيل : ارتفاعه على أنه مبتدأ ، وخبره : الجارّ والمجرور بعده ، أي : تنزيل كائن من الله ، وإلى هذا ذهب الزجاج والفراء. قال الفراء : ويجوز أن يكون مرفوعا بمعنى هذا تنزيل ، وأجاز الفراء والكسائي النصب على أنه مفعول به لفعل مقدّر ، أي : اتبعوا أو اقرءوا تنزيل الكتاب. وقال الفراء : يجوز نصبه على الإغراء ، أي : الزموا ، والكتاب : هو القرآن ، وقوله : (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) على الوجه الأوّل صلة للتنزيل ، أو : خبر بعد خبر ، أو : خبر مبتدأ محذوف ، أو : متعلق بمحذوف على أنه