سورة الشّورى
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت (حم عسق) بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله ، وكذا قال الحسن ، وعكرمة ، وعطاء ، وجابر. وروي عن ابن عباس ، وقتادة أنها مكية إلا أربع آيات منها أنزلت بالمدينة (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) إلى آخرها. وقد أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، ونعيم بن حماد ، والخطيب عن أرطأة بن المنذر قال : جاء رجل إلى ابن عباس وعنده حذيفة ابن اليمان فقال : أخبرني عن تفسير حم عسق ، فأعرض عنه ، ثم كرّر مقالته فأعرض عنه وكرر مقالته ، ثم كرّرها الثالثة فلم يجبه ، فقال له حذيفة : أنا أنبئك بها لم كررتها؟ نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد إله أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق ، يبني عليه مدينتين ، يشقّ النهر بينهما شقا ، يجتمع فيهما كل جبار عنيد ، فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم بعث الله على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة ، قد احترقت كأنها لم تكن مكانها ، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت؟ فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم ، ثم يخسف الله بها وبهم جميعا ، فذلك قوله : (حم عسق) يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء حم. عين ، يعني عدلا منه ، سين : يعني سيكون ، ق : واقع لهاتين المدينتين. أقول : هذا الحديث لا يصح ولا يثبت وما أظنه إلا من الموضوعات المكذوبات ، والحامل لواضعه عليه ما يقع لكثير من الناس من عداوة الدول والحط من شأنهم والإزراء عليهم. وأخرج أبو يعلى وابن عساكر قال السيوطي بسند ضعيف : قلت بل بسند موضوع ومتن مكذوب عن أبي معاوية قال : صعد عمر بن الخطاب المنبر فقال : أيها الناس هل سمع منكم أحد رسول الله صلىاللهعليهوسلم يفسر حم عسق فوثب ابن عباس فقال : إن حم اسم من أسماء الله ، قال : فعين قال : عاين المذكور عذاب يوم بدر ، قال : فسين ، قال : فسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون. قال : فقاف فسكت ، فقام أبو ذر ففسر كما قال ابن عباس وقال : قاف قارعة من السماء تصيب الناس. قال ابن كثير في الحديث الأوّل : إنه غريب عجيب منكر ، وفي الحديث الثاني : إنه أغرب من الحديث الأوّل. وعندي أنهما موضوعان مكذوبان.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ