وقد أخرج ابن جرير عن السدّي (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) قال : اعملوا به. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في قوله : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) قال : ألا تعلموا أن الفرقة هلكة ، وأن الجماعة ثقة (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ). قال : استكبر المشركون أن قيل لهم : لا إله إلا الله. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن مجاهد (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ) قال : يخلص لنفسه من يشاء. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) قال : هم أهل الكتاب كانوا يجادلون المسلمين ، ويصدّونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله. وقال : هم قوم من أهل الضلالة وكانوا يتربصون بأن تأتيهم الجاهلية. وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في قوله : (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) الآية. قال : هم اليهود والنصارى. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن نحوه. وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : لما نزلت (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) (١) قال المشركون لمن بين أظهرهم من المؤمنين : قد دخل الناس في دين الله أفواجا ؛ فاخرجوا من بين أظهرنا فنزلت (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) الآية.
(اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢١) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢) ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٤) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦) وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨))
قوله : (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) أي : كثير اللطف بهم بالغ الرأفة لهم. قال مقاتل : لطيف بالبارّ والفاجر حيث لم يقتلهم جوعا بمعاصيهم. قال عكرمة : بار بهم. وقال السدّي : رفيق بهم ، وقيل : حفيّ بهم. وقال
__________________
(١). أي : سورة النصر.