قائمة الکتاب
سورة الشورى (42)
٦٠١
إعدادات
فتح القدير [ ج ٤ ]
فتح القدير [ ج ٤ ]
تحمیل
عنه أيضا نحوه. وأخرج ابن مردويه عنه أيضا من طريق أخرى نحوه. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه من طريق مقسم عن ابن عباس قال : قالت الأنصار فعلنا وفعلنا وكأنهم فخروا ، فقال العباس : لنا الفضل عليكم ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأتاهم في مجالسهم فقال : يا معشر الأنصار ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : أفلا تجيبون؟ قالوا : ما نقول يا رسول الله؟ قال : ألا تقولون ألم يخرجك قومك فآويناك؟ ألم يكذّبوك فصدّقناك؟ ألم يخذلوك فنصرناك؟ فما زال يقول حتى جثوا على الركب وقالوا : أموالنا وما في أيدينا لله ورسوله ، فنزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وفي إسناده يزيد بن أبي زياد ، وهو ضعيف ، والأولى أن الآية مكية لا مدنية ، وقد أشرنا في أوّل السورة إلى قول من قال إن هذه الآية وما بعدها مدنية ، وهذا متمسكهم. وأخرج أبو نعيم ، والديلمي من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) أي : تحفظوني في أهل بيتي وتودونهم بي». وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه. قال السيوطي : بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال : عليّ وفاطمة وولدهما» وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية بمكة ، وكان المشركون يؤذون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله قل لهم يا محمد (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) يعني : على ما أدعوكم إليه (أَجْراً) عرضا من الدنيا (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) إلا الحفظ لي في قرابتي فيكم ، فلما هاجر إلى المدينة أحبّ أن يلحقه بإخوته من الأنبياء فقال : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) (١) يعني ثوابه وكرامته في الآخرة كما قال نوح (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) وكما قال هود ، وصالح ، وشعيب لم يستثنوا أجرا كما استثنى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فردّه عليهم ، وهي منسوخة. وأخرج أحمد ، وابن أبي حاتم ، والطبراني والحاكم وصححه ، وابن مردويه من طريق مجاهد عن ابن عباس عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في الآية : قل لا أسألكم على ما أتيتكم به من البينات والهدى أجرا إلا أن تودوا الله وأن تتقرّبوا إليه بطاعته. هذا حاصل ما روي عن حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية. والمعنى الأوّل هو الذي صح عنه ، ورواه عنه الجمع الجمّ من تلامذته فمن بعدهم ، ولا ينافيه ما روي عنه من النسخ ، فلا مانع من أن يكون قد نزل القرآن في مكة بأن يودّه كفار قريش لما بينه وبينهم من القربى ويحفظوه بها ، ثم ينسخ ذلك ويذهب هذا الاستثناء من أصله كما يدلّ عليه ما ذكرنا مما يدلّ على أنه لم يسأل على التبليغ أجرا على الإطلاق ، ولا يقوى ما روي من حملها على آل محمد صلىاللهعليهوسلم على معارضة ما صح عن ابن عباس من تلك الطرق الكثيرة ، وقد أغنى الله آل محمد عن هذا بما لهم من الفضائل الجليلة ، والمزايا الجميلة ، وقد بينا بعض ذلك عند تفسيرنا لقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) (٢) وكما لا يقوى هذا على المعارضة ، فكذلك لا يقوى ما روي عنه أن المراد بالمودّة في القربى أن
__________________
(١). سبأ : ٤٧.
(٢). الأحزاب : ٣٣.