كانوا يصلّون بين المغرب والعشاء. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) قال : يصلّون. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌ) قال : سوى الزكاة ، يصل بها رحما ، أو يقري بها ضيفا ، أو يعين بها محروما. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال : السائل الّذي يسأل الناس ، والمحروم الّذي ليس له سهم في فيء المسلمين. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا قال : المحروم هو المحارف الّذي يطلب الدنيا وتدبر عنه ولا يسأل الناس ، فأمر الله المؤمنين برفده. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في الآية : قالت : هو المحارف الّذي لا يكاد يتيسّر له مكسبه. وأخرج الترمذي ، والبيهقي في سننه ، عن فاطمة بنت قيس أنها سألت النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن هذه الآية قال : «إن في المال حقا سوى الزكاة» وتلا هذه الآية (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) إلى قوله : (وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ) وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الشعب ، عن عبد الله بن الزبير في قوله : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) قال : سبيل الغائط والبول.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٣١) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧))
قوله : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) ذكر سبحانه قصة إبراهيم ليبيّن أنه أهلك بسبب التكذيب من أهلك. وفي الاستفهام تنبيه على أن هذا الحديث ليس مما قد علم به رسول الله ، وأنه إنما علمه بطريق الوحي. وقيل : إن «هل» بمعنى قد ، كما في قوله : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) (١) والضيف مصدر يطلق على الواحد والاثنين والجماعة ، وقد تقدم الكلام على قصة ضيف إبراهيم في سورة هود وسورة الحجر ، والمراد بكونهم مكرمين : أنهم مكرمون عند الله سبحانه لأنهم ملائكة جاءوا إليه في صورة بني آدم ، كما قال تعالى في وصفهم في آية أخرى : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (٢) وقيل : هم جبريل وميكائيل وإسرافيل. وقال مقاتل ومجاهد : أكرمهم إبراهيم وأحسن إليهم وقام على رؤوسهم ، وكان لا يقوم على رؤوس الضيف ، وأمر امرأته أن تخدمهم. وقال الكلبي : أكرمهم بالعجل (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) العامل في الظرف «حديث» ، أي : هل أتاك حديثهم الواقع في وقت دخولهم عليه ، أو العامل فيه ضيف لأنه مصدر ، أو العامل فيه
__________________
(١). الإنسان : ١.
(٢). الأنبياء : ٢٦.