سورة الواقعة
هي سبع وتسعون ، أو ست وتسعون آية وهي مكية في قول الحسن وعكرمة وجابر وعطاء. وقال ابن عباس وقتادة : إلا آية منها نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (١) وقال الكلبي : إنها مكية إلا أربع آيات منها ، وهي (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ـ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٢) وقوله : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ـ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (٣). وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، عن ابن عباس قال : نزلت سورة الواقعة بمكة. وأخرج عن ابن الزبير مثله. وأخرج أبو عبيد في فضائله ، وابن الضريس والحارث بن أبي أسامة وأبو يعلى وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب ، عن ابن مسعود : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا». وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «سورة الواقعة سورة الغنى ، فاقرؤوها ، وعلّموها أولادكم». وأخرج الديلمي عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «علموا نساءكم سورة الواقعة فإنها سورة الغنى» وقد تقدّم قوله صلىاللهعليهوسلم : «شيّبتني هود والواقعة» ا ه.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (٢٥) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (٢٦))
قوله : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) الواقعة : اسم للقيامة كالآزفة وغيرها ، وسمّيت واقعة لأنها كائنة لا محالة ، أو لقرب وقوعها ، أو لكثرة ما يقع فيها من الشدائد ، وانتصاب «إذا» بمضمر ، أي : اذكر وقت وقوع الواقعة ، أو بالنفي المفهوم من قوله : (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) أي : لا يكون عند وقوعها تكذيب ، والكاذبة مصدر كالعاقبة ، أي : ليس لمجيئها وظهورها كذب أصلا ، وقيل : «إذا» شرطية وجوابها مقدّر ،
__________________
(١). الواقعة : ٨٢.
(٢). الواقعة : ٨١ ـ ٨٢.
(٣). الواقعة : ١٣ ـ ١٤.