الفارسي ، قال : لأن السؤال لم يقع على القرض ، وإنما وقع عن فاعل القرض ، وإنما تنصب الفاء فعلا مردودا على فعل مستفهم عنه ، لكن هذه الفرقة حملت ذلك على المعنى ، كأن قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ) بمنزلة قوله : أيقرض الله أحد (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) وهو الجنة ، والمضاعفة هنا هي كون الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف ؛ على اختلاف الأحوال والأشخاص والأوقات.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ، وأبو نعيم في الدلائل ، من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال : «خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية حتى إذا كان بعسفان ؛ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يوشك أن يأتي قوم يحقرون أعمالكم مع أعمالهم ، قلنا : من هم يا رسول الله؟ أقريش؟ قال : لا ، ولكنهم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا ، فقلنا : أهم خير منّا يا رسول الله؟ قال : لو كان لأحدهم جبل من ذهب ما أدرك مدّ أحدكم ولا نصيفه ، إلا أن هذا فصل ما بيننا وبين الناس (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) الآية» وهذا الحديث قال ابن كثير : هو غريب بهذا الإسناد ، وقد رواه ابن جرير ولم يذكر فيه الحديبية. وأخرج أحمد عن أنس قال : كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرّحمن بن عوف كلام ، فقال خالد لعبد الرّحمن : تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها؟ فبلغ النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «دعوا لي أصحابي ، فو الّذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم». والّذي في الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلفظ : «لا تسبّوا أصحابي ، فو الّذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه» ، وفي لفظ : «ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم وغير هما من حديث أبي سعيد الخدري. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : لا تسبّوا أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره.
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣) يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (١٤) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٥))
قوله : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) العامل في الظرف مضمر وهو اذكر ، أو «كريم» ، أو «فيضاعفه» ، أو العامل في لهم وهو الاستقرار ، والخطاب لكل من يصلح له ، وقوله : (يَسْعى نُورُهُمْ) في محل نصب على الحال من مفعول ترى ، والنور : هو الضياء الّذي يرى (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) وذلك على الصراط يوم القيامة ، وهو دليلهم إلى الجنة. قال قتادة : إن المؤمن يضيء له نور كما بين عدن إلى صنعاء ، حتى إنّ من المؤمنين من لا يضيء له نوره إلا موضع قدميه. وقال الضحاك ومقاتل : وبأيمانهم كتبهم التي