سورة الجمعة
وهي مدنية. قال القرطبي : في قول الجميع. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، عن ابن عباس قال : نزلت سورة الجمعة بالمدينة. وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. وأخرج مسلم وأهل السنن عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ في الجمعة سورة الجمعة و (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ). وأخرج مسلم وأهل السنن عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن حبان ، والبيهقي في سننه ، عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة ب (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ، ليلة الجمعة ، سورة الجمعة والمنافقون.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤) مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥) قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨))
قوله : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) قد تقدم تفسير هذا في أوّل سورة الحديد ، وما بعدها من المسبّحات (الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) قرأ الجمهور بالجرّ في هذه الصفات الأربع على أنها نعت لله ، وقيل : على البدل ، والأوّل أولى. وقرأ أبو وائل بن محارب وأبو العالية ونصر بن عاصم ورؤبة بالرفع على إضمار مبتدأ. وقرأ الجمهور : (الْقُدُّوسِ) بضم القاف ، وقرأ زيد بن علي بفتحها ، وقد تقدم تفسيره. (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) المراد بالأميين العرب ، من كان يحسن الكتابة منهم ومن لا يحسنها ، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب ، والأميّ في الأصل الّذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب ، وكان غالب العرب كذلك ، وقد مضى بيان معنى الأميّ في سورة البقرة ، ومعنى (مِنْهُمْ) من أنفسهم ومن جنسهم ومن جملتهم ، وما كان حيّ من أحياء العرب إلا ولرسول الله صلىاللهعليهوسلم فيهم قرابة ، ووجه الامتنان بكونه