سورة المعارج
وهي مكية. قال القرطبي : باتفاق. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة سأل بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١) لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (٢) مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلاَّ إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨))
قوله : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) قرأ الجمهور : (سَأَلَ) بالهمزة ، وقرأ نافع وابن عامر بغير همزة ، فمن همز فهو من السؤال ، وهي اللغة الفاشية ، وهو إما مضمّن معنى الدعاء ، فلذلك عدّي بالباء ، كما تقول : دعوت لكذا ، والمعنى : دعا داع على نفسه بعذاب واقع ، ويجوز أن يكون على أصله ، والباء بمعنى عن ، كقوله : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (١) ومن لم يهمز ، فهو إما من باب التخفيف بقلب الهمزة ألفا ، فيكون معناها معنى قراءة من همز ، أو يكون من السيلان ، والمعنى : سال : واد في جهنم يقال له سائل ، كما قال زيد بن ثابت. ويؤيده قراءة ابن عباس : سأل سيل وقيل : إن سال بمعنى التمس ، والمعنى : التمس ملتمس عذابا للكفار ، فتكون الباء زائدة ، كقوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) والوجه الأوّل هو الظاهر. وقال الأخفش : يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان. قال أبو عليّ الفارسي : وإذا كان من السؤال فأصله أن يتعدّى إلى مفعولين ، ويجوز الاقتصار على أحدهما ويتعدّى إليه بحرف الجر ، وهذا السّائل هو النضر بن الحارث حين قال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢) وهو ممّن قتل يوم بدر صبرا ، وقيل : هو أبو جهل ، وقيل : هو الحارث بن النعمان الفهري. والأوّل أولى لما سيأتي. وقرأ أبيّ وابن مسعود سال سال مثل مال مال على أن الأصل سائل ، فحذفت العين تخفيفا ، كما قيل : شاك في : شائك السلاح. وقيل : السائل هو نوح عليهالسلام ، سأل العذاب للكافرين ، وقيل :
__________________
(١). الفرقان : ٥٩.
(٢). الأنفال : ٣٢.