سورة محمّد
وتسمّى سورة القتال ، وسورة الذين كفروا. وهي تسع وثلاثون آية ، وقيل : ثمان وثلاثون.
وهي مدنية. قال الماوردي : في قول الجميع ، إلا ابن عباس وقتادة فإنهما قالا : إلا آية منها نزلت بعد حجة الوداع حين خرج من مكة وجعل ينظر إلى البيت وهو يبكي حزنا عليه ، فنزل قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ) وقال الثعلبي : إنها مكية. وحكاه ابن هبة الله عن الضحاك وسعيد بن جبير ، وهو غلط من القول ، فالسورة مدنية كما لا يخفى. وقد أخرج ابن الضّريس عن ابن عباس قال : نزلت سورة القتال بالمدينة. وأخرج النحاس وابن مردويه ، والبيهقي في «الدلائل» عنه قال : نزلت سورة محمد بالمدينة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة الذين كفروا. وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ بهم في المغرب : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢) ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢))
قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) هم كفّار قريش كفروا بالله وصدّوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله ، وهو دين الإسلام ، بنهيهم عن الدخول فيه ، كذا قال مجاهد والسدّي. وقال الضحاك. معنى «عن سبيل الله» : عن بيت الله ؛ بمنع قاصديه. وقيل : هم أهل الكتاب ، والموصول مبتدأ وخبره (أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) أي : أبطلها وجعلها ضائعة. قال الضحاك : معنى (أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) : أبطل كيدهم ومكرهم بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وجعل الدائرة عليهم في كفرهم. وقيل : أبطل ما عملوه في الكفر مما كانوا يسمّونه مكارم