سورة نوح
هي تسع وعشرون آية ، أو ثمان وعشرون آية وهي مكية ، وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت سورة (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً) بمكة.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١) قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤) قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (٦) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (٩) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (١٢) ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦) وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (١٨) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠))
قوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) قد تقدّم أن نوحا أوّل رسول أرسله الله ، وهو نوح بن لامك ابن متوشلخ بن أخنوخ (١) بن قينان بن شيث بن آدم ، وقد تقدّم مدّة لبثه في قومه ، وبيان جميع عمره ، وبيان السنّ التي أرسل وهو فيها في سورة العنكبوت (أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) أي : بأن أنذر ، على أنها مصدرية ، ويجوز أن تكون هي المفسّرة ؛ لأن في الإرسال معنى القول. وقرأ ابن مسعود (أَنْذِرْ) بدون أن ، وذلك على تقدير القول ، أي : فقلنا له أنذر (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي : عذاب شديد الألم ، وهو عذاب النار. وقال الكلبي : هو ما نزل بهم من الطوفان ، وجملة (قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) مستأنفة استئنافا بيانيا على تقدير سؤال ، كأنه قيل : فماذا قال نوح؟ فقال : قال لهم ... إلخ. والمعنى : إني لكم منذر من عقاب الله ، ومخوّف لكم ، ومبين لما فيه نجاتكم (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) «أن» هي التفسيرية لنذير ، أو هي المصدرية ، أي : بأن اعبدوا الله ولا تشركوا به غيره واتقوه ، أي : اجتنبوا ما يوقعكم في عذابه ،
__________________
(١). في تفسير القرطبي : وهو إدريس بن يردين مهلايل بن أنوش.