بيضاء تصطاد القلوب وتستبي |
|
بالحسن قلب المسلم القرّاء |
قرأ الجمهور : (كُبَّاراً) بالتشديد. وقرأ ابن محيصن وحميد ومجاهد بالتخفيف. قال أبو بكر : هو جمع كبير ؛ كأنه جعل مكرا مكان ذنوب أو أفاعيل ، فلذلك وصفه بالجمع. وقال عيسى بن عمر : هي لغة يمانية.
واختلف في مكرهم هذا ما هو؟ فقيل : هو تحريشهم سفلتهم على قتل نوح ، وقيل : هو تغريرهم على الناس بما أوتوا من المال والولد ، حتى قال الضعفة : لو لا أنهم على الحق لما أوتوا هذه النعم. وقال الكلبي : هو ما جعلوه لله من الصاحبة والولد. وقال مقاتل : هو قول كبرائهم لأتباعهم : (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) وقيل : مكرهم : كفرهم (وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) أي : لا تتركوا عبادة آلهتكم ، وهي الأصنام والصور التي كانت لهم ، ثم عبدتها العرب من بعدهم ، وبهذا قال الجمهور : (وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) أي : لا تتركوا عبادة هذه. قال محمد بن كعب : هذه أسماء قوم صالحين كانوا بين آدم ونوح ، فنشأ بعدهم قوم يقتدون بهم في العبادة ، فقال لهم إبليس : لو صوّرتم صورهم كان أنشط لكم وأسوق إلى العبادة ، ففعلوا ، ثم نشأ قوم من بعدهم فقال لهم إبليس : إن الذين من قبلكم كانوا يعبدونهم فاعبدوهم ، فابتداء عبادة الأوثان كان من ذلك الوقت ، وسمّيت هذه الصور بهذه الأسماء ؛ لأنهم صوّروها على صورة أولئك القوم. وقال عروة بن الزبير وغيره : إن هذه كانت أسماء لأولاد آدم ، وكان ودّ أكبرهم. قال الماوردي : فأما ودّ فهو أوّل صنم معبود ، سمي ودّا لودّهم له ، وكان بعد قوم نوح لكلب بدومة الجندل في قول ابن عباس وعطاء ومقاتل ، وفيه يقول شاعرهم :
حيّاك ودّ فإنّا لا يحلّ لنا |
|
لهو النّساء وإنّ الدّين قد عزما |
وأما سواع فكان لهذيل بساحل البحر ، وأما يغوث فكان لغطيف من مراد بالجوف من سبأ ، في قول قتادة. وقال المهدوي : لمراد ثم لغطفان ؛ وأما يعوق فكان لهمدان ، في قول قتادة وعكرمة وعطاء. وقال الثعلبي : كان لكهلان بن سبأ ، ثم توارثوه حتى صار في همدان ، وفيه يقول مالك بن نمط الهمداني :
يريش الله في الدّنيا ويبري |
|
ولا يبري يعوق ولا يريش |
وأما نسر فكان لذي الكلاع من حمير ، في قول قتادة ومقاتل. قرأ الجمهور : (وَدًّا) بفتح الواو. وقرأ نافع بضمها. قال الليث : ودّ بضم الواو صنم لقريش ، وبفتحها صنم كان لقوم نوح ، وبه سمي عمور ابن ودّ. قال في الصحاح ، والودّ بالفتح : الوتد في لغة أهل نجد ، كأنّهم سكّنوا التاء وأدغموها في الدال. وقرأ الجمهور : (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ) بغير تنوين ، فإن كانا عربيين فالمنع من الصرف للعلمية ووزن الفعل ، وإن كانا أعجميين فللعجمة والعلمية. وقرأ الأعمش : ولا يغوثا ويعوقا بالصرف. قال ابن عطية : وذلك وهم. ووجه تخصيص هذه الأصنام بالذكر مع دخولها تحت الآلهة ؛ لأنها كانت أكبر أصنامهم وأعظمها (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) أي : أضلّ كبراؤهم ورؤساؤهم كثيرا من الناس ، وقيل : الضمير راجع إلى الأصنام ،