سورة الجنّ
وهي مكية. قال القرطبي : في قول الجميع. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الجن بمكة. وأخرج ابن مردويه عن عائشة وابن الزبير مثله.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣) وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً (٤) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً (٥) وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (٩) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣))
قوله : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَ) قرأ الجمهور : (أُوحِيَ) رباعيا. وقرأ ابن أبي عبلة وأبو إياس والعتكي عن أبي عمرو أحي ثلاثيا ، وهما لغتان. واختلف هل رآهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم أم لم يرهم؟ فظاهر القرآن أنه لم يرهم ؛ لأن المعنى : قل يا محمد لأمتك أوحي إليّ على لسان جبريل (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) ومثله قوله : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) (١) ويؤيّد هذا ما ثبت في الصحيح عن ابن عباس قال : ما قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الجنّ ، وما رآهم. قال عكرمة : والسورة التي كان يقرؤها رسول الله صلىاللهعليهوسلم هي : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (٢) وقد تقدّم في سورة الأحقاف ذكر ما يفيد زيادة في هذا. قوله : (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) هذا هو القائم مقام الفاعل ، ولهذا فتحت أنّ ، والضمير للشأن. وعند الكوفيين والأخفش يجوز أن يكون القائم مقام الفاعل الجارّ والمجرور ، والنفر : اسم للجماعة ما بين الثلاثة إلى العشرة. قال الضحاك : والجنّ ولد الجانّ وليسوا شياطين. وقال الحسن : إنهم ولد إبليس. قيل : هم أجسام عاقلة خفية تغلب عليهم النارية والهوائية ، وقيل : نوع من الأرواح المجرّدة ، وقيل : هي النفوس البشرية المفارقة لأبدانها.
__________________
(١). الأحقاف : ٢٩.
(٢). العلق : ١.