سورة الإنسان
قال الجمهور : هي مدنية. وقال مقاتل والكلبي : هي مكية. وأخرج النحاس عن ابن عباس أنها نزلت بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله ، وقيل : فيها مكي من قوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) (١) إلى آخر السورة ، وما قبله مدنيّ. وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر قال : جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سل واستفهم» ، فقال : يا رسول الله فضلتم علينا بالألوان والصور والنبوّة ، أفرأيت إن آمنت بما آمنت به وعملت بما عملت به ؛ أني كائن معك في الجنة؟ قال : «نعم والّذي نفسي بيده إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام ، ثم قال : من قال : لا إله إلا الله كان له عهد عند الله. ومن قال : سبحان الله وبحمده كتب له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة» ونزلت هذه السورة : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) إلى قوله : (مُلْكاً كَبِيراً) فقال الحبشيّ : وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة؟ قال : «نعم» ، فاشتكى حتى فاضت نفسه. قال ابن عمر : فلقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدليه في حفرته بيده.
وأخرج أحمد في الزهد عن محمد بن مطرف قال : حدّثني الثقة : أن رجلا أسود كان يسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن التسبيح والتهليل ، فقال له عمر بن الخطاب : أكثرت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : مه يا عمر. وأنزلت على النبيّ صلىاللهعليهوسلم (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) حتى إذا أتى على ذكر الجنة زفر الأسود زفرة خرجت نفسه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «مات شوقا إلى الجنة».
وأخرج نحوه ابن وهب عن ابن زيد مرفوعا مرسلا. وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن منيع ، وأبو الشيخ في العظمة ، والحاكم وصححه ، والضّياء عن أبي ذرّ قال : «قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) حتى ختمها ، ثم قال : إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء وحقّ لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله ، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عزوجل».
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (١) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (٢) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (٣) إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ
__________________
(١). الإنسان : ٢٣.