سورة المرسلات
وهي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. قال قتادة : إلا آية منها وهي قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) (١) فإنها مدنية ، وروي هذا عن ابن عباس. وأخرج النحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة المرسلات بمكة. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال : «بينما نحن مع النبي صلىاللهعليهوسلم في غار بمنى إذا نزلت سورة : المرسلات عرفا ، فإنه ليتلوها وإني لأتلقّاها من فيه ، وإن فاه لرطب بها ، إذ وثبت علينا حية ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : اقتلوها ، فابتدرناها فذهبت ؛ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : وقيت شرّكم كما وقيتم شرّها». وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس أن أمّ الفضل سمعته وهو يقرأ والمرسلات عرفا فقالت : يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة ، إنها آخر ما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ بها في المغرب.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨))
قوله : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) قال جمهور المفسرين : هي الرياح ، وقيل : هي الملائكة ، وبه قال مقاتل وأبو صالح والكلبي ، وقيل : هم الأنبياء ، فعلى الأوّل أقسم سبحانه بالرياح المرسلة لما يأمرها به كما في قوله : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) (٢) وقوله : (يُرْسِلُ الرِّياحَ) (٣) وغير ذلك. وعلى الثاني أقسم سبحانه بالملائكة المرسلة بوحيه وأمره ونهيه. وعلى الثالث أقسم سبحانه برسله المرسلة إلى عباده لتبليغ شرائعه ، وانتصاب (عُرْفاً) إما على أنه مفعول لأجله ، أي : المرسلات ؛ لأجل العرف وهو ضدّ النكر ، ومنه قول الشاعر :
__________________
(١). المرسلات : ٤٨.
(٢). الحجر : ٢٢.
(٣). النمل : ٦٣.