سورة النّبأ
وهي مكية عند الجميع. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣) كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠))
قوله : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) أصله عن ما ؛ فأدغمت النون في الميم ؛ لأن الميم تشاركها في الغنة ، كذا قال الزجاج ، وحذفت الألف ليتميز الخبر عن الاستفهام ، وكذلك فيم وممّ ونحو ذلك ، والمعنى : عن أيّ شيء يسأل بعضهم بعضا. قرأ الجمهور : «عمّ» بحذف الألف لما ذكرنا ، وقرأ أبيّ وابن مسعود وعكرمة وعيسى بإثباتها ، ومنه قول الشاعر :
علام قام يشتمني لئيم |
|
كخنزير تمرّغ في دمان؟! |
ولكنه قليل لا يجوز إلا للضرورة ، وقرأ البزي بهاء السكت عوضا عن الألف ، وروي ذلك عن ابن كثير. قال الزجاج : اللفظ لفظ استفهام ، والمعنى تفخيم القصة ، كما تقول : أيّ شيء تريد ؛ إذا عظمت شأنه. قال الواحدي : قال المفسرون : لما بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأخبرهم بتوحيد الله والبعث بعد الموت وتلا عليهم القرآن ، جعلوا يتساءلون بينهم يقولون : ماذا جاء به محمد وما الّذي أتى به؟ فأنزل الله : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) قال الفراء : التساؤل هو أن يسأل بعضهم بعضا كالتقابل ، وقد يستعمل أيضا في أن يتحدّثوا به وإن لم يكن