سورة النّازعات
وتسمى سورة الساهرة ، هي خمس وأربعون آية ، وقيل : ست وأربعون آية وهي مكية بلا خلاف. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة النازعات بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩) يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١) قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦))
أقسم سبحانه بهذه الأشياء التي ذكرها ، وهي الملائكة التي تنزع أرواح العباد عن أجسادهم ؛ كما ينزع النازع في القوس فيبلغ بها غاية المدّ ، وكذا المراد بالناشطات والسابحات والسابقات والمدبرات ، يعني : الملائكة ، والعطف مع اتحاد الكلّ لتنزيل التغاير الوصفي منزلة التغاير الذاتي ، كما في قول الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم |
وهذا قول الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وقال السدّي : (النَّازِعاتِ) هي النفوس حين تغرق في الصدور. وقال مجاهد : هي الموت ينزع النفس. وقال قتادة : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق ، من قولهم : نزع إليهم إذا ذهب ، أو من قولهم نزعت بالحبل ، أي : إنها تغرب وتغيب وتطلع من أفق آخر. وبه قال أبو عبيدة والأخفش وابن كيسان. وقال عطاء وعكرمة : النازعات : القسي تنزع بالسهام ، وإغراق النازع في القوس أن يمدّه غاية المدّ حتى ينتهي به إلى النصب. وقال يحيى بن سلام : تنزع من الكلأ وتنفر ، وقيل : أراد بالنّازعات : الغزاة الرّماة ، وانتصاب (غَرْقاً) على أنه مصدر بحذف الزوائد ، أي : إغراقا ، والناصب له ما قبله لملاقاته له في المعنى ، أي : إغراقا في النزع حيث تنزعها من أقاصي الأجسام ، أو على الحال ، أي : ذوات إغراق ، يقال : أغرق في الشيء يغرق فيه ؛ إذا أوغل فيه وبلغ غايته (وَ) معنى (النَّاشِطاتِ) أنها تنشط النفوس ، أي : تخرجها من الأجساد كما ينشط العقال من يد البعير ؛ إذا