حلّ عنه ، ونشط الرجل الدلو من البئر ؛ إذا أخرجها ، والنّشط : الجذب بسرعة ، ومنه الأنشوطة للعقدة التي يسهل حلّها. قال أبو زيد : نشطت الحبل أنشطه عقدته ، وأنشطته ، أي : حللته ، وأنشطت الحبل ، أي : مددته. قال الفراء : أنشط العقال ، أي : حلّ ، ونشط ، أي : ربط الحبل في يديه. قال الأصمعي : بئر أنشاط ، أي : قريبة القعر ، تخرج الدلو منها بجذبة واحدة ، وبئر نشوط ، وهي التي لا يخرج منها الدلو حتى ينشط كثيرا. وقال مجاهد : هي الموت ينشط نفس الإنسان. وقال السدّي : هي النفوس حين تنشط من القدمين. وقال عكرمة وعطاء : هي الأوهاق (١) التي تنشط السهام ، وقال قتادة والحسن والأخفش : هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق ، أي : تذهب. قال في الصحاح : (وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) يعني النجوم من برج إلى برج ؛ كالثور الناشط من بلد إلى بلد. والهموم تنشط بصاحبها. وقال أبو عبيدة وقتادة : هي الوحوش حين تنشط من بلد إلى بلد. وقيل : الناشطات لأرواح المؤمنين ، والنازعات لأرواح الكافرين ؛ لأنها تجذب روح المؤمن برفق وتجذب روح الكافر بعنف ، وقوله : (نَشْطاً) مصدر ، وكذا سبحا وسبقا. (وَالسَّابِحاتِ) الملائكة تسبح في الأبدان لإخراج الروح كما يسبح الغوّاص في البحر لإخراج شيء منه. وقال مجاهد وأبو صالح : هي الملائكة ينزلون من السماء مسرعين لأمر الله ، كما يقال للفرس الجواد سابح ؛ إذا أسرع في جريه. وقال مجاهد أيضا : السّابحات : الموت يسبح في نفوس بني آدم. وقيل : هي الخيل السابحة في الغزو ، ومنه قول عنترة :
والخيل تعلم حين تس |
|
بح في حياض الموت سبحا |
وقال قتادة والحسن : هي النجوم تسبح في أفلاكها ، كما في قوله : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٢) وقال عطاء : هي السفن تسبح في الماء ، وقيل : هي أرواح المؤمنين تسبح شوقا إلى الله (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) هم الملائكة على قول الجمهور كما سلف. قال مسروق ومجاهد : تسبق الملائكة الشياطين بالوحي إلى الأنبياء. وقال أبو روق : هي الملائكة سبقت ابن آدم بالخير والعمل الصالح ، وروي نحوه عن مجاهد. وقال مقاتل : هي الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة. وقال الربيع : هي أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة شوقا إلى الله. وقال مجاهد أيضا : هو الموت يسبق الإنسان. وقال قتادة والحسن ومعمر : هي النجوم يسبق بعضها في السير بعضا. وقال عطاء : هي الخيل التي تسبق إلى الجهاد. وقيل : هي الأرواح التي تسبق الأجساد إلى الجنة أو النار. قال الجرجاني : عطف السابقات بالفاء ؛ لأنها مسببة من التي قبلها ، أي : واللاتي يسبحن فيسبقن ، تقول : قام فذهب ، فهذا يوجب أن يكون القيام سببا للذهاب ، ولو قلت قام وذهب بالواو لم يكن القيام سببا للذهاب. قال الواحدي : وهذا غير مطرد في قوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) لأنه يبعد أن يجعل السبق سببا للتدبّر ، قال الرازي : ويمكن الجواب عما قاله الواحدي : بأنها لما أمرت سبحت فسبقت
__________________
(١). «الأوهاق» : جمع وهق ، الحبل تشدّ به الإبل والخيل لئلا تندّ.
(٢). يس : ٤٠.