سورة الانشقاق
وهي ثلاث وعشرون آية ، وقيل خمس وعشرون آية وهي مكية بلا خلاف. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الانشقاق بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي رافع قال : «صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) فسجد ، فقلت له ، فقال : سجدت خلف أبي القاسم صلىاللهعليهوسلم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه». وأخرج مسلم وأهل السنن وغيرهم عن أبي هريرة قال : «سجدنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) و (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)». وأخرج ابن خزيمة ، والروياني في مسنده ، والضياء المقدسي في المختارة ، عن بريدة «أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ في الظهر (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) ونحوها».
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٥) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (١١) وَيَصْلى سَعِيراً (١٢) إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (١٣) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً (١٥) فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ (٢٣) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٥))
قوله : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) هو كقوله : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١) في إضمار الفعل وعدمه. قال الواحدي : قال المفسرون : انشقاقها من علامات القيامة ، ومعنى انشقاقها : انفطارها بالغمام الأبيض كما في قوله : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) (٢) وقيل : تنشقّ من المجرّة ، والمجرّة باب السماء.
واختلف في جواب إذا ، فقال الفراء : إنه أذنت ، والواو زائدة ، وكذلك ألقت. قال ابن الأنباري : هذا غلط ، لأن العرب لا تقحم الواو إلا مع حتى إذا كقوله : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) (٣) ومع لما كقوله : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ـ وَنادَيْناهُ) (٤) ولا تقحم مع غير هذين. وقيل : إن الجواب
__________________
(١). التكوير : ١.
(٢). الفرقان : ٢٥.
(٣). الزمر : ٧٣.
(٤). الصافات : ١٠٣ ـ ١٠٤.