سورة الضّحى
وهي مكية بلا خلاف. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس : نزلت (وَالضُّحى) بمكة. وأخرج الحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب ، من طريق أبي الحسن المقري قال : سمعت عكرمة بن سليمان يقول : «قرأت على إسماعيل بن قسطنطين ، فلما بلغت والضحى قال : كبّر حتى تختم ، وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك. وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك. وأخبره ابن عباس أن أبيّ بن كعب أمره بذلك. وأخبره أبيّ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمره بذلك». وأبو الحسن المقري المذكور هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقري. قال ابن كثير : فهذه سنة تفرّد بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البزي من ولد القاسم بن أبي بزة ، وكان إماما في القراءات. وأما في الحديث فقد ضعّفه أبو حاتم الرازي وقال : لا أخذت عنه ، وكذلك أبو جعفر العقيلي قال : هو منكر الحديث. قال ابن كثير : ثم اختلف القرّاء في موضع هذا التكبير وكيفيته ، فقال بعضهم : يكبر من آخر الليل إذا يغشى ، وقال آخرون : من آخر الضحى. وكيفية التكبير عند بعضهم أن يقول : الله أكبر ، ويقتصر ، ومنهم من يقول : الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر. وذكروا في مناسبة التكبير من أول الضحى أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفتر تلك المدّة ، ثم جاء الملك ، فأوحي إليه : (وَالضُّحى ـ وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) السورة كبّر فرحا وسرورا ، ولم يرووا ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جندب البجلي قال : اشتكى النبي صلىاللهعليهوسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا ، فأتته امرأة فقالت : يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك لم يقربك ليلتين أو ثلاثا ، فأنزل الله : (وَالضُّحى ـ وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ـ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)». وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وسعيد بن منصور وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن جندب قال : أبطأ جبريل عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال المشركون : قد ودّع محمد ، فنزلت : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى). وأخرج الطبراني عن جندب قال : احتبس جبريل عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالت بعض بنات عمه : ما أرى صاحبك إلا قد قلاك ، فنزلت : والضحى. وأخرجه الترمذي وصححه وابن أبي حاتم عن جندب ، وفيه : فقالت له امرأة : ما أرى شيطانك إلا قد تركك ، فنزلت : والضحى.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى (٧) وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى (٨) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١))