سورة القارعة
هي إحدى عشرة آية ، وقيل : عشر آيات وهي مكية بلا خلاف. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة القارعة بمكة.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ (١١))
(الْقارِعَةُ) من أسماء القيامة ؛ لأنها تقرع القلوب بالفزع ، وتقرع أعداء الله بالعذاب ، والعرب تقول : قرعتهم القارعة ؛ إذا وقع بهم أمر فظيع. قال ابن أحمر :
وقارعة من الأيّام لولا |
|
سبيلهم لراحت عنك حينا |
وقال آخر :
متى تقرع بمروتكم (١) نسؤكم |
|
ولم توقد لنا في القدر نار |
والقارعة مبتدأ وخبرها قوله : (مَا الْقارِعَةُ) وبالرفع قرأ الجمهور ، وقرأ عيسى بنصبها على تقدير : احذروا القارعة ، والاستفهام للتعظيم والتفخيم لشأنها ، كما تقدّم بيانه في قوله : (الْحَاقَّةُ ـ مَا الْحَاقَّةُ ـ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) (٢) وقيل : معنى الكلام على التحذير. قال الزجاج : والعرب تحذر وتغري بالرفع كالنصب ، وأنشد قول الشاعر :
لجديرون بالوفاء إذا قال |
|
أخو النّجدة السّلاح السّلاح |
والحمل على معنى التفخيم والتعظيم أولى ، ويؤيده وضع الظاهر موضع الضمير ، فإنه أدلّ على هذا المعنى ، ويؤيده أيضا قوله : (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ) فإنه تأكيد لشدّة هولها ومزيد فظاعتها ؛ حتى كأنها خارجة عن دائرة علوم الخلق بحيث لا تنالها دراية أحد منهم ، وما الاستفهامية مبتدأ ، وأدراك خبرها وما القارعة مبتدأ
__________________
(١). «المروة» : حجر يقدح منه النار.
(٢). الحاقة : ١ ـ ٣.