هاوِيَةٌ) أي : فمسكنه جهنم ، وسمّاها أمه ؛ لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه ، والهاوية من أسماء جهنم ، وسميت هاوية ؛ لأنه يهوي فيها مع بعد قعرها ، ومنه قول أمية بن أبي الصّلت :
فالأرض معقلنا وكانت أمّنا |
|
فيها مقابرنا وفيها نولد |
وقول الآخر :
يا عمرو لو نالتك أرماحنا |
|
كنت كمن تهوي به الهاوية |
والمهوى والمهواة : ما بين الجبلين ، وتهاوى القوم في المهواة ؛ إذا سقط بعضهم في إثر بعض. قال قتادة : معنى (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) فمصيره إلى النار. قال عكرمة : لأنه يهوي فيها على أمّ رأسه. قال الأخفش : أمه مستقرّة (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) هذا الاستفهام للتهويل والتفظيع ؛ ببيان أنها خارجة عن المعهود بحيث لا تحيط بها علوم البشر ولا تدري كنهها. ثم بيّنها سبحانه فقال : (نارٌ حامِيَةٌ) أي : قد انتهى حرّها وبلغ في الشدّة إلى الغاية وارتفاع نار على أنها خبر مبتدأ محذوف ، أي : هي نار حامية.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال : (الْقارِعَةُ) من أسماء يوم القيامة. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) قال : كقوله هوت أمه. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) قال : أمّ رأسه هاوية في جهنم. وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا مات المؤمن تلقته أرواح المؤمنين يسألونه : ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ فإذا كان مات ولم يأتهم قالوا خولف به إلى أمه الهاوية ، فبئست الأمّ وبئست المربية». وأخرج ابن مردويه من حديث أبي أيوب الأنصاري ونحوه. وأخرج ابن المبارك من حديث أبي أيوب نحوه أيضا.
* * *