سورة قريش
ويقال : سورة لإيلاف ، وهي أربع آيات وهي مكية عند الجمهور. وقال الضحاك والكلبي : هي مدنية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة (لِإِيلافِ) بمكة. وأخرج البخاري في تاريخه ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه والبيهقي عن أم هانئ بنت أبي طالب ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «فضّل الله قريشا بسبع خصال لم يعطها أحدا قبلهم ولا يعطيها أحدا بعدهم : أني فيهم. وفي لفظ : النبوّة فيهم ، والخلافة فيهم ، والحجابة فيهم ، والسقاية فيهم ، ونصروا على الفيل ، وعبدوا الله سبع سنين. وفي لفظ : عشر سنين لم يعبده أحد غيرهم ، ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ)» قال ابن كثير : هو حديث غريب ، ويشهد له ما أخرجه الطبراني في الأوسط ، وابن مردويه وابن عساكر عن الزبير بن العوّام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فضّل الله قريشا بسبع خصال : فضّلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده إلا قريش ، وفضّلهم بأنه نصرهم يوم الفيل وهم مشركون ، وفضّلهم بأنها نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين غيرهم ، وهي لإيلاف قريش ، وفضّلهم بأن فيهم النبوّة ، والخلافة ، والسقاية». وأخرج الخطيب في تاريخه ، عن سعيد بن المسيب مرفوعا نحوه ، وهو مرسل.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤))
اللام في قوله : (لِإِيلافِ) قيل : هي متعلقة بآخر السورة التي قبلها ، كأنه قال سبحانه : أهلكت أصحاب الفيل لأجل تألف قريش. قال الفرّاء : هذه السورة متّصلة بالسورة الأولى ؛ لأنه ذكر سبحانه أهل مكة بعظيم نعمته عليهم فيما فعل بالحبشة ، ثم قال : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) أي : فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش ، وذلك أن قريشا كانت تخرج في تجارتها فلا يغار عليها في الجاهلية ، يقولون : هم أهل بيت الله عزوجل ، حتى جاء صاحب الفيل ليهدم الكعبة ويأخذ حجارتها فيبني بها بيتا في اليمن يحجّ الناس إليه ، فأهلكهم الله عزوجل ، فذكّرهم نعمته ، أي : فعل ذلك لإيلاف قريش ، أي : ليألفوا الخروج ولا يجترأ عليهم ، وذكر نحو هذا ابن قتيبة. قال الزجاج : والمعنى : فجعلهم كعصف مأكول (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) أي : أهلك الله أصحاب الفيل لتبقى قريش وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف. وقال في الكشاف : إن اللام متعلق بقوله : (فَلْيَعْبُدُوا) أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين ، ودخلت الفاء لما في الكلام