صحيحيهما ، من طريق مالك بالإسناد المذكور. وأخرج عبد بن حميد في مسنده ، عن زيد بن أرقم قال : «سحر النبيّ رجل من اليهود ، فاشتكى ، فأتاه جبريل ، فنزل عليه بالمعوّذتين ، وقال : إن رجلا من اليهود سحرك ، والسحر في بئر فلان ، فأرسل عليا ، فجاء به ، فأمره أن يحلّ العقد ، ويقرأ آية ويحلّ ، حتى قام النبيّ صلىاللهعليهوسلم كأنما نشط من عقال». وأخرجه ابن مردويه والبيهقي من حديث عائشة مطوّلا ، وكذلك أخرجه من حديث ابن عباس.
وقد ورد في فضل المعوّذتين ، وفي قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم لهما في الصلاة وغيرهما أحاديث ، وفيما ذكرناه كفاية. وأخرج الطبراني في الصغير ، عن عليّ بن أبي طالب قال : «لدغت النبيّ صلىاللهعليهوسلم عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال : لعن الله العقرب لا تدع مصلّيا ولا غيره ، ثم دعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ : قل يا أيها الكافرون ، وقل هو الله أحد ، وقل أعوذ بربّ الفلق ، وقل أعوذ برب الناس».
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥))
(الْفَلَقِ) الصبح ، يقال : هو أبين من فلق الصبح ، وسمّي فلقا لأنه يفلق عنه الليل ، وهو فعل بمعنى مفعول ، قال الزجاج : لأن الليل ينفلق عنه الصبح ، ويكون بمعنى مفعول ، يقال : هو أبين من فلق الصبح ، ومن فرق الصبح ، وهذا قول جمهور المفسرين ، ومنه قول ذي الرّمة :
حتّى إذا ما انجلى عن وجهه فلق |
|
هاديه (١) في أخريات اللّيل منتصب |
وقول الآخر :
يا ليلة لم أنمها بتّ مرتفقا (٢) |
|
أرعى النّجوم إلى أن نوّر الفلق |
وقيل : هو سجن في جهنم ، وقيل : هو اسم من أسماء جهنم ، وقيل : شجرة في النار ، وقيل : هو الجبال والصخور ، لأنها تفلق بالمياه ، أي : تشقق ، وقيل : هو التفليق بين الجبال ؛ لأنها تنشقّ من خوف الله. قال النحاس : يقال لكل ما اطمأنّ من الأرض فلق ، ومنه قول زهير :
ما زلت أرمقهم حتّى إذا هبطت |
|
أيدي الرّكاب بهم من راكس فلقا |
والركس : بطن الوادي ، ومثله قول النابغة :
__________________
(١). «هاديه» : أي أوله.
(٢). «مرتفقا» : أي متكئا على مرفق يده.