جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه ، قال السيوطي : بإسناد حسن ، عن زيد بن أرقم قال : اجتمع ناس من العرب فقالوا : انطلقوا إلى هذا الرجل فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به ، وإن يك ملكا نعش بجناحه ، فأتيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم فأخبرته بما قالوا ، فجاؤوا إلى حجرته فجعلوا ينادونه : يا محمد! فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأذني وجعل يقول : «لقد صدّق الله قولك يا زيد ، لقد صدق الله قولك يا زيد». وفي الباب أحاديث.
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مندة وابن مردويه ، قال السيوطي : بسند جيد ـ عن الحارث بن ضرار الخزاعي قال : قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدعاني إلى الإسلام ، فدخلت فيه وأقررت به ، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها ، وقلت : يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزّكاة ، فمن استجاب لي جمعت زكاته ، وترسل إليّ يا رسول الله رسولا لإبّان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة ، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الّذي أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يبعث إليه احتبس الرسول فلم يأت ، فظنّ الحارث أن قد حدث فيه سخط من الله ورسوله ، فدعا سروات (١) قومه فقال لهم : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان وقت لي وقتا يرسل إليّ رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة وليس من رسول الله الخلف ، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطه ، فانطلقوا فنأتي رسول الله. وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم الوليد ابن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق (٢) فرجع ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي ، فضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم البعث إلى الحارث ، فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقلّ البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث ، فقالوا : هذا الحارث؟ فلما غشيهم قال لهم : إلى من بعثتم؟ قالوا : إليك. قال : ولم؟ قالوا : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث إليك الوليد بن عقبة ، فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله ، قال : لا والّذي بعث محمدا بالحقّ ما رأيته ولا أتاني ، فلما دخل الحارث على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟» قال : لا والّذي بعثك بالحقّ ما رأيته ولا رآني ، وما أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسول رسول الله صلىاللهعليهوسلم خشيت أن تكون سخطة من الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، فنزل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) إلى قوله : (حَكِيمٌ) قال ابن كثير : هذا من أحسن ما روي في سبب نزول الآية. وقد رويت روايات كثيرة متفقة على أنه سبب نزول الآية ، وأنه المراد بها وإن اختلفت القصص.
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ
__________________
(١). «سروات» : أي زعماء.
(٢). أي خاف.