سورة ق
وهي مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. وروي عن ابن عباس وقتادة أنها مكية إلا آية ، وهي قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) وهي أوّل المفصّل على الصّحيح ، وقيل : من الحجرات. وأخرج ابن الضّريس والنحّاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة ق بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. وقد أخرج مسلم وغيره عن قطبة بن مالك قال : «كان النبي صلىاللهعليهوسلم يقرأ في الفجر في الركعة الأولى ق والقرآن المجيد» وأخرج أحمد ومسلم وأهل السنن عن أبي واقد الليثيّ قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ في العيد بقاف واقتربت». وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجة والبيهقي عن أم هشام ابنة حارثة قالت : ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا من فيّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كان يقرأ بها في كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس. وهو في صحيح مسلم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨) وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (١١) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤) أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥))
قوله : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) الكلام في إعراب هذا كالكلام الّذي قدّمنا في قوله : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ). وفي قوله : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) واختلف في ق ، فقال الواقدي : قال المفسرون : هو اسم جبل يحيط بالدنيا من زبرجد والسماء مقبيّة عليه ، وهو وراء الحجاب الّذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة (١). قال الفراء : كان يجب على هذا أن يظهر الإعراب في ق لأنه اسم ، وليس بهجاء. قال :
__________________
(١). قال أبو حيان : (ق) حرف هجاء ، وقد اختلف المفسرون في مدلوله على أحد عشر قولا متعارضة ، لا دليل على صحة شيء منها.