وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ مثله (١).
والعول : هو المجاوزة عن الحد ؛ ولذلك سمى الحساب الذي ازداد على أصله عولا ؛ لمجاوزته الحد ؛ فعلى ذلك العول هاهنا هو : المجاوزة عن الحد الذي جعل له ، وهو الجور.
وقوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) : ليس بشرط ؛ ليتفق القول ، ولأنه لا وجه لمعرفة حد الخوف الذي يجعل شرطا للجواز ، وكل عدل يخاف أدنى خوف ، بل جميع أمور الدين هي على الخوف والرجاء.
ولأنه يوجب جهل النساء بمن يحل لهن النكاح ويحرم ؛ إذ لا يعرفن ذلك ، ومتى حرم عليه حرم عليها ، ولا يحتمل أن يجعل للحل شرطا لا يوصل إلى حقيقته ، ولظهور الجور في الأمة على الإبقاء على النكاح ؛ فضلا عن خوفه ؛ [كذا](٢) مع ما في قوله : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا ...) الآية [النساء : ١٢٩] دلالة ظاهرة ، وكذلك في قوله : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها) الآية [النساء : ١٢٨] ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما) [النساء : ٣٥] ، (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) [البقرة : ٢٢٩].
قوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤) وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً)(٥)
وقوله ـ تعالى ـ : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً)(٣).
__________________
ـ (٨٤٩١) ، وعن إبراهيم النخعى (٨٤٩٢) (٨٤٩٣) ، وعن قتادة (٨٤٩٦) (٨٤٩٧) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢١١).
(١) أخرجه ابن جرير (٧ / ٥٥١) (٨٥٠٠) (٨٥٠١) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢١١).
(٢) سقط من ب.
(٣) قال القرطبي (٥ / ١٧) : هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة ، وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه ، إلا ما روي عن بعض أهل العلم من أهل العراق أن السيد إذا زوج عبده من أمته أنه لا يجب فيه صداق ، وليس بشيء ؛ لقوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) ، فعم.
وقال القاسمي في محاسن التأويل (٥ / ٣٤ ـ ٣٥) : فائدتان :
الأولى ـ هذا الخطاب إما للأزواج ، كما روي عن علقمة والنخعي وقتادة ، واختاره الزجاج ؛ فإن ما قبله خطاب للناكحين وهم الأزواج. وإما لأولياء النساء ؛ وذلك لأن العرب كانت في الجاهلية لا تعطي النساء من مهورهن شيئا ؛ ولذلك كانوا يقولون لمن ولدت له بنت : هنيئا لك النافجة ، ومعناه : أنك تأخذ مهرها إبلا فتضمها إلى إبلك ؛ فتنفج مالك أي : تعظمه. وقال ابن الأعرابي : النافجة ما يأخذه الرجل من الحلوان إذا زوج ابنته. فنهى الله ـ تعالى ـ عن ذلك ، وأمر بدفع الحق إلى أهله. وهذا قول الكلبي وأبي صالح ، واختيار الفراء وابن قتيبة.
الثانية ـ قال القفال ـ رحمهالله تعالى ـ : يحتمل أن يكون المراد من الإيتاء المناولة ، ويحتمل أن يكون المراد : الالتزام ؛ قال تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) [التوبة : ٢٩] ، ـ