وجهان :
أي : بين الزوجين ببركة قيام الحكمين لله وابتغائهما الصلاح بينهما ؛ فيوفق الزوجين لما له النكاح من : السكن ، والرحمة ، والمودة ، والعفة.
ويحتمل : (يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) : بين الحكمين في إصابة ما أرادا (١) من الإصلاح. ثم العلم بإرادتهما الإصلاح (٢) لا يعلمه إلا الله ؛ فلا يحتمل أن يوجب لهما في الحكم التفريق ، والذي جوابه وعد التوفيق (٣) لم يبين ، فلذلك لم يكن لهما حق التفريق ، إنما إليهما إعلام ما اتفقا عليه ، ثم هما عملا لهما وعليهما ، فيكون لهما الرضا بما رأيا وغير الرضا ، وأصله وجهان :
أحدهما : أنه استوجبا القيام بالتولية والتراضى (٤) من الزوجين أو بمن يخاف الشقاق بينهما : فإن قاما ببعث الناس ، فقاما ببعث من لا يملك الفراق ، [فلا](٥) يستوجبان بهم ذلك ، وإن قاما ببعث الزوجين فرضاؤهما بعثهما في ذلك لم يكن لهما غير الذي كان فيه الرضاء عليهما ، والله أعلم.
والثاني : أنهما بعثا للعلم بالسبب الذي حملهما على الشقاق ، ولعل السبب منهما ؛ فلا يحتمل أن يلزمانه الطلاق بلا ذنب منه ، فيمكّن به كل امرأة تريد مفارقة الزوج وإغرامه المهر ، وإذا لم يحتمل ذلك لم يحتمل أن يكون لهما حق التفريق بهذا البعث مع ما بعثا لدفع الشقاق الهائج (٦) بينهما والرد إلى الصلاح الذي له كان النكاح ، على أنه يمكن الأخذ على يدي الظالم منهما ، والقهر على العود إلى ما فيه الصلاح بالتأديب ـ لم يجز أن يلزما الفراق وإن كرهاه ، والله أعلم.
ثم الأصل : أنهما بالغان لا يلزمان النكاح إذا كرها ورأي القوم الصلاح إلى التناكح ، على احتمال وجود الولايات في الأنكحة (٧) كانا ألا يلزما الطلاق إذا كرها على امتناعه عن وجوب الولايات به لغير الزوجين ـ أحرى ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) من الظالم منهما؟ ومن المظلوم؟
__________________
(١) في ب : أراد.
(٢) في ب : الأصلح.
(٣) في ب : التفريق.
(٤) في أ : والرضي.
(٥) سقط في أ ، وفي ب : ثم.
(٦) في ب : والهائج.
(٧) في ب : والإنكاح.