وقيل في قوله : (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) نزلت في كعب بن الأشرف كتم نعت (١) محمد صلىاللهعليهوسلم وكتب إلى الرؤساء من اليهود في الآفاق يأمرهم بكتمانه (٢).
وأيضا ، في قوله : (يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) : أي : بما أنعم الله عليهم من الأموال ، أو بما بين لهم من صفات الرسول ـ عليه أفضل الصلوات ـ أو بما أمروا به من العبادات ، حملهم على الكفر أحد هذه الأوجه الثلاثة ؛ أو كانوا استحلوا أحدها ، فكفروا بذلك ، لزمهم الذي ذكر في القرآن ، والله أعلم.
وكتمانهم يرجع إلى كتمان النعت والحقوق والعبادات (٣) في أنفسهم ؛ لئلا يعرفوا بالعدول عليهم عما في كتبهم ، وذلك تحريفهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً)
ظاهر ، قد ذكرناه (٤) في غير موضع.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (٣٨) وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً)(٣٩)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ...) الآية [أي](٥) سرّا وقيل : إنها نزلت في المنافقين : كانوا ينفقون مراءاة ، ويصلون مراءاة كانوا يظهرون الموافقة للمؤمنين بذلك ، وكانوا لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر سرّا (٦).
وقيل : إنها نزلت في الذين يسعون في معاداة رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخرجون معه ينفقون أموالهم مراءاة للناس ، يطلبون بذلك الرئاسة (٧).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً)
يحتمل أن يكون هذا في الدنيا [كقوله] : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ...) الآية
__________________
(١) في ب : بعث.
(٢) قاله ابن عباس ، أخرجه عنه الطبري (٨ / ٣٥٣) ، رقم (٩٥٠١) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ؛ كما في الدر المنثور (٢ / ٢٨٩).
(٣) في ب : أو الحقوق أو العبادات.
(٤) في ب : ذكرنا.
(٥) سقط من ب.
(٦) قاله أبو جعفر الطبري (٨ / ٣٥٦).
(٧) ينظر : تفسير الفخر الرازي (١٠ / ٨١).