وقيل : لهم نصيب من الملك من الشرف والأموال والرئاسة فيما بينهم ، لكن [لا يأتون الناس](١) نقيرا ، فكيف يتبعونهم؟!.
وقيل : قوله ـ سبحانه ـ : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ)
أي : ليس لهم نصيب من الملك فكيف يؤتون الناس شيئا؟! إنما الملك لله ـ عزوجل ـ هو الذي يؤتى الملك من يشاء ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ...) الآية [آل عمران : ٢٦] ، إنما يستفاد ذلك بالله ـ عزوجل ـ لا بأحد دونه ، والله ـ تعالى ـ أعلم.
قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٤) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً)(٥٥)
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)
يقول : بل يحسدون محمدا صلىاللهعليهوسلم على ما آتاه الله من فضله من الكتاب والنبوة ؛ يقول الله ـ عزوجل ـ ردا عليهم : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ [وَالْحِكْمَةَ])(٢) فلم يحسدوه ، فكيف يحسدون محمدا صلىاللهعليهوسلم بما آتاه الله ـ تعالى ـ من الكتاب والنبوة ، وهو من أولاد إبراهيم ، عليهالسلام؟! فهذا ـ والله أعلم ـ معناه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)
قيل : أراد الملائكة والجنود (٣).
وقيل : هو ملك (٤) سليمان بن داود ، [وداود](٥) كان من آل إبراهيم ، عليهالسلام (٦).
__________________
(١) في ب : لا يؤمنون بالناس.
(٢) في أ : والحكم والنبوة.
(٣) أخرجه ابن جرير (٨ / ٤٨١ ـ ٤٨٢) (٩٨٣٠) عن همام بن الحارث ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣١٠) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) قال القرطبي (٥ / ١٦٤) : يقال : إن سليمان ـ عليهالسلام ـ كان أكثر الأنبياء نساء. والفائدة في كثرة تزوجه أنه كان له قوة أربعين نبيّا ، وكل من كان أقوى فهو أكثر نكاحا ، ويقال : إنه أراد بالنكاح كثرة العشيرة ؛ لأن لكل امرأة قبيلتين ؛ قبيلة من جهة الأب وقبيلة من جهة الأم ؛ فكلما تزوج امرأة صرف وجوه القبيلتين إلى نفسه فتكون عونا له على أعدائه ، ويقال : إن كل من كان أتقى فشهوته أشدّ ؛ لأن الذي لا يكون تقيّا فإنما يتفرج بالنظر واللمس ، ألا ترى ما روي في الخبر : «العينان تزنيان واليدان تزنيان» فإذا كان في النظر واللمس نوع من قضاء الشهوة قل الجماع ، والمتقي لا ينظر ولا يمس فتكون الشهوة مجتمعة في نفسه فيكون أكثر جماعا. وقال أبو بكر الوراق : كل شهوة تقسي القلب إلا الجماع فإنه يصفي القلب ؛ ولهذا كان الأنبياء يفعلون ذلك.
(٥) سقط من ب.
(٦) أخرجه ابن جرير (٨ / ٤٨١) (٩٨٢٩) عن ابن عباس ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٠٩) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.