وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) وقال ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) [النحل : ٩٠] فمن ولي أمرا أو حكما فيما بين الناس فقد ولي الأمانة ، يجب أن يؤديها إلى أهلها ، وعلى ذلك جاءت الآثار :
روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من أحد يكون على شيء من هذه الأمور ـ قلّت أو كثرت ـ فلا يعدل فيهم إلّا أكبّه الله ـ تعالى ـ فى النّار» (١).
وفي خبر آخر : «أيّما امرئ ولى من أمر النّاس شيئا ثمّ لم يحطهم مثل ما يحوط به نفسه وأهله لم يرح رائحة الجنّة يوم القيامة» (٢).
وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ من أحبّ النّاس إليّ وأقربهم مجلسا منّي يوم القيامة : إمام عادل ، وإنّ أبغض النّاس إلىّ يوم القيامة وأشدّهم عذابا : إمام جائر» (٣).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٥٩)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)
فإن قيل : كيف خص الله ـ تعالى ـ المؤمنين بالخطاب بالطاعة له وطاعة الرسول والأمر بها يعم المؤمن والكافر جميعا؟.
قيل [فيه بوجوه](٤) ثلاثة :
__________________
(١) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٥ / ٢١٦) ، وعزاه للطبراني في الأوسط عن معقل بن يسار مرفوعا بلفظ : «من ولي أمة من أمتى ، قلت أو كثرت ، فلم يعدل فيهم ـ كبّه الله على وجهه في النار» ، وقال : وفيه عبد العزيز بن الحصين ؛ وهو ضعيف ، وعزاه للطبراني في الصغير والأوسط عن أنس ابن مالك مرفوعا بلفظ : «من ولي من أمر المسلمين شيئا ، فغشهم ـ فهو في النار» ، وقال : وفيه عبد الله بن ميسرة ؛ وهو ضعيف عند الجمهور ، ووثقه ابن حبان وبقية رجاله ثقات ، وأخرجه أبو نعيم في الحلية (٦ / ١٣٨) بلفظ قريب من هذا.
(٢) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٥ / ٢١٤) وعزاه للطبراني في الصغير والأوسط عن ابن عباس بلفظ «ما من أمتي أحد ولي من أمر الناس شيئا ، لم يحفظهم بما حفظ به نفسه وأهله ـ إلا لم يجد رائحة الجنة» ، وقال : وفيه إسماعيل بن شبيب الطائفي ؛ وهو ضعيف ، وأخرجه البخاري في صحيحه (١٥ / ٢٢) كتاب الأحكام : باب من استرعى رعية فلم ينصح (٧١٥٠) (٧١٥١) من حديث معقل ابن يسار بلفظ : «ما من عبد يسترعيه الله رعية ، فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة».
(٣) ذكره الهيثمي في المجمع (٥ / ٢٠٠) وعزاه للطبراني في الأوسط عن عمر بن الخطاب موقوفا بلفظ : «إن أفضل الناس عند الله منزلة يوم القيامة إمام عادل رفيق ، وشر عباد الله عند الله منزلة يوم القيامة إمام جائر خرق» ، وقال : فيه ابن لهيعة ؛ وحديثه حسن وفيه ضعف ، وعزاه لأبي يعلى والطبراني في الكبير والأوسط عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ : «أشد الناس عذابا يوم القيامة إمام جائر» ، وقال : فيه عطية ؛ وهو ضعيف.
(٤) في ب : بوجوه.