وقيل : نزلت في شأن رجل من الأنصار والزبير بن العوام كان بينهما تشاجر في الماء ، فارتفعا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال للزبير : «اسق ، ثمّ أرسل الماء إلى جارك» ، فغضب ذلك الرجل ؛ فنزلت الآية (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ...) الآية (١).
ولا ندري كيف كانت القصّة؟ وفيم كانت؟.
ثم روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بعض الأخبار أنه قال : «لا يؤمن أحد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه ، وأهله ، وولده ، وماله ، والنّاس جميعا» (٢).
وقيل في قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) أي : في قلوبهم (حَرَجاً) أي : شكّا (٣)(مِمَّا قَضَيْتَ) أنه هو الحق (وَيُسَلِّمُوا) لقضائك لهم وعليهم (تَسْلِيماً)(٤).
وفي قوله ـ تعالى ـ : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ) قيل : تأويله : أنه ما أرسل رسولا في الأمم السالفة إلا ليطيعوه ، فكيف تركتم أنتم طاعة الرسول الذي أرسل إليكم.
وقوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) ما أرسل الله رسولا إلا وقد أمرهم أن يطيعوه ، لكن منهم من قد أطاعه ، ومنهم من لم يطع.
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ
__________________
ـ ٣٢٢) ، وزاد نسبته لابن المنذر.
(١) أخرجه البخاري (٥ / ٦٥٠ ـ ٦٥١) كتاب الصلح : باب إذا أشار الإمام بالصلح ، فأبي ـ حكم عليه بالحكم البين (٢٧٠٨) ، عن عروة بن الزبير (٥ / ٣٠٧) في كتاب المساقاة : باب سكر الأنهار (٢٣٥٩ ، ٢٣٦٠) ، ومسلم (٤ / ١٨٢٩) كتاب الفضائل باب وجوب اتباعه صلىاللهعليهوسلم (١٢٩ / ٢٣٥٧) عن عبد الله بن الزبير.
(٢) أخرجه البخاري (١ / ٧٤ ـ ٧٥) كتاب الإيمان : باب حب الرسول صلىاللهعليهوسلم من الإيمان (١٤) ، ومسلم (١ / ٦٧) كتاب الإيمان : باب وجوب محبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلفظ : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين».
(٣) تقدم.
(٤) قال القاسمي (٥ / ٢٨٩) : قال النووي : فيه جواز هجران أهل البدع والفسوق ، وأنه يجوز هجرانهم دائما ، فالنهي عنه فوق ثلاثة أيام إنما هو في هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا ، وأما هجر أهل البدع ، فيجوز على الدوام ، كما يدل عليه هذا مع نظائر له ، لحديث كعب بن مالك.
وقال أيضا (٥ / ٢٩١) : وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (فتوى له) قد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن الله ـ تعالى ـ افترض على العباد طاعته وطاعة رسوله ، ولم يوجب على هذه الأمة طاعة أحد بعينه ، في كل ما أمر به ونهى عنه ، إلا رسوله صلىاللهعليهوسلم ، حتى كان صدّيق الأمة وأفضلها بعد نبيها صلىاللهعليهوسلم ورضي عنه يقول : أطيعوني ما أطعت الله ، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم ، واتفقوا كلهم على أنه ليس أحد معصوما في كل ما أمر به ونهى عنه إلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولهذا قال غير واحد من الأئمة : كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهؤلاء الأئمة الأربعة قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولونه ، وذلك هو الواجب.