وإن كان ذلك في الثواب دل أن له أن يثيب حتى يصير ما أثاب عليه فضلا ، ولا يحتمل ألا يرضى بطاعة العبد واتباع رسوله صلىاللهعليهوسلم ؛ فثبت أن الرضا ليس هو المراد ، والله الموفق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) قيل : عليما بالآخرة وثوابها.
وقيل : (وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) بما وعد من الخير في الآخرة لهؤلاء الأصناف.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : الصديقون هم [الذين أدركوا الرسل ـ عليهمالسلام ـ وصدقوهم.
وعن أبي ذر (١) ـ رضي الله عنه ـ قال : الصديقون هم المؤمنون.
وقيل الصديقون](٢) : السابقون ، الذين سبقوا إلى تصديق النبيين (٣) ، أنعم الله عليهم بالتصديق ، والشهداء : هم الذين أنعم الله عليهم بالشهادة.
والصالحون : هم المؤمنون أهل الجنة.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً)(٧٣)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ)
قيل : خذوا عدتكم من السلاح (٤).
وقيل : قوله : (خُذُوا حِذْرَكُمْ) من جميع ما يحترز به العدو (٥) ؛ كقوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ...) الآية [الأنفال : ٦٠] ، وكقوله ـ
__________________
(١) هو أبو ذر جندب ـ بضم الجيم وسكون النون وضم الدال المهملة ، وبفتحها أيضا ـ ابن جنادة ـ بضم الجيم وفتح النون المخففة ، ويقال : جندب بن السكن ـ بفتح السين والكاف ـ ابن كعب بن سفيان بن عبيد بن حرام ـ بفتح الراء ، ويقال : عبيد بن الوقيعة بن حرام بن غفار ، الغفاري.
وهو من أعلام الصحابة وزهادهم والمهاجرين ، وهو أول من حيا النّبي صلىاللهعليهوسلم بتحية الإسلام.
سكن الربذة إلى أن مات بها سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان ـ رضي الله عنه ـ وصلى عليه ابن مسعود.
ينظر : أسد الغابة (٦ / ٩٩) ، سير أعلام النبلاء (٢ / ٣١) ، المعارف (٢٥٢).
(٢) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٣) ينظر تفسير ابن جرير (٨ / ٥٣٠) ، الرازي في تفسيره (١٠ / ١٣٨) ، البحر المحيط (٣ / ٣٠٠).
(٤) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٢٦) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان ، والرازي في تفسيره (١٠ / ١٤١).
(٥) انظر تفسير ابن جرير (٨ / ٥٣٦) نحو هذا المعنى ، والرازي في تفسيره (١٠ / ١٤١).