أولئك.
وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا تتمنّوا لقاء العدوّ واسألوا ربّكم العافية ، وإذا لقيتموهم فشوروا فى وجوههم» (١)
أو كان في علم الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يأمرهم ، فأخبروا بالذين قتلوا وحل بهم ؛ لئلا يفعلوا مثل فعلهم ، والله أعلم.
وخشيتهم كخشية الله ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ...) إلى تمام القصة.
وقد قيل : الآية نزلت فيما سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأجيبوا في ذلك ، ثم خاطبهم الذي ذكر.
لكن اختلف في ذلك :
فمنهم من يقول : كان ذلك في المصدقين ؛ لكن اشتد عليهم الأمر ، وذلك [نحو](٢) ما كان منهم يوم حنين وأحد [ونحو ذلك](٣) ، حتى أغاثهم الله ـ تعالى ـ وفرج عنهم بمنّه ، وعلى ذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) [آل عمران : ١٤٣] أي : ما فيه الموت من الجهاد ، وعلى ذلك : (يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) ، فلما عاينوا السبب الذي فيه هلاكهم ، وتبلغ عند ذلك الخشية غايتها ؛ نحو قرب الموت وشدة المرض ؛ يكون المرء يخشى منه الموت ما لا يخشى لو لا تلك الحال ؛ لأنه يرى الموت من المرض ، وإن كان الذي يظهر عليه من خشية الموت في تلك الحال أشد ، فهو ـ في الحقيقة ـ خشية من الله ـ تعالى ـ أن يكون جعل ذلك سبب الموت ، وأنه حضره وقرب منه ؛ فيكون في ظاهر الأمر كمن يخشى من تلك الأحوال ، وقد جعل لما جبل عليه الخلق في مثله معروف مثله ؛ أعني : أن المريض [عند الموت لما يغلب](٤) عليه الإياس من حياته ، وإن كان الذي يصيبه يستوى عليه أحواله ، فعلى ذلك أمر الأول.
وعلى ذلك فيما طبع عليه الخلق من طمأنينة القلب عند ملك أسباب الرزق والقدرة
__________________
(١) أخرجه البخاري (١٥ / ١٤١) كتاب التمني : باب كراهية تمني لقاء العدو (٧٢٣٧) ، ومسلم (٣ / ١٣٦٢) كتاب الجهاد والسير : باب كراهة تمني لقاء العدو ، والأمر بالصبر عند اللقاء (١٧٤٢) ، عن عبد الله بن أبي أوفى بلفظ «يا أيها الناس : لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية ؛ فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» ، واللفظ لمسلم.
(٢) سقط من ب.
(٣) سقط من ب.
(٤) بدل ما بين المعقوفين في الأصول : بعد الموت لما يغلب عليه الموت لما يغلب.