٢٠٧].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى) لأن متاع الآخرة دائم غير منقطع ، ومتاع الدنيا زائل منقطع.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) قد ذكرناه.
قوله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (٧٨) ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٧٩)
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)
قيل : لما استشهد من استشهد يوم أحد ، قال المنافقون : لو كان إخواننا عندنا ما ماتوا وما قتلوا (١) ؛ قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ).
ويحتمل : أن يكون جوابا لما سبق من القول قولهم : (لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) يقول : من كتب عليه الموت ينزل به لا محالة ، قاتل أو لم يقاتل ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ ...) [آل عمران : ١٥٤] الآية.
ويحتمل : أن يكون قوله ـ تعالى ـ : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) : إذا كان الموت نازلا بكم لا محالة فالقتل أنفع لكم ؛ إذ تستوجبون بالقتل الثواب الجزيل ، ولا يكون ذلك لكم إذا متم حتف أنفكم (٢) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ).
قال الفراء : المشيّد والمشيد واحد ، غير أن المشيّد ـ بالتشديد ـ فيما يكثر الفعل ، والمشيد فيما لا يكثر الفعل.
وقيل : المشيّد : هو المجصّص (٣) ، والشيد : هو الجصّ (٤).
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٧ / ٣٣١) (٨١٠٧) عن السدي ، (٨١٠٨ ، ٨١٠٩) عن مجاهد ، (٨١١٠) عن ابن إسحاق ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٥٨) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد ، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ، ولابن أبي حاتم عن السدي ، ولابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق.
(٢) في ب : أنفسكم.
(٣) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٢٩) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة.
(٤) ذكره ابن جرير في تفسيره (٨ / ٥٥٤).