فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(٨٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ)
لأن الله ـ تعالى ـ أمر بطاعة الرسول ، فإذا أطاع رسوله صلىاللهعليهوسلم فقد أطاع الله ـ تعالى ـ لأنه اتبع أمره ؛ ألا ترى أنه قال ـ عزوجل ـ : و (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [النساء : ٥٩] وحتى جعل طاعة الرسول من شرط الإيمان بقوله ـ عزوجل ـ : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) الآية [النساء : ٦٥].
والثاني : أن الرسول صلىاللهعليهوسلم إنما يأمر بطاعة الله ، فإن (١) أطاع رسوله صلىاللهعليهوسلم وائتمر بأمره فقد أطاع الله ـ عزوجل ـ لأنه هو الآمر بطاعة الله ، وبالله التوفيق.
وقيل : لأن الرسول صلىاللهعليهوسلم يأمر بأمر الله ـ تعالى ـ لذلك كانت طاعته طاعة الله ، وذكر في بعض الأخبار أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال [في المدينة](٢) : «من أحبّني فقد أحبّ الله ـ تعالى ـ ومن أطاعني فقد أطاع الله» (٣) فعيره المنافقون في ذلك فأنزل الله ـ تعالى ـ تصديقا لقول النبي صلىاللهعليهوسلم : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً).
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من أطاع الله فقد ذكر وإن قلّت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن ، ومن عصاه فقد نسى الله ـ تعالى ـ وإن كثر صيامه وصلاته وتلاوته القرآن» (٤) ، فطاعة الله ـ تعالى ـ إنما تكون في اتباع أمره ، وانتهاء مناهيه ، وكذلك حبه إنما يكون في اتباع أمره (٥) ونواهيه ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [آل
__________________
(١) في ب : فإذا.
(٢) في ب : بالمدينة.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه (٣ / ١٤٦٧ ـ ١٤٦٨) كتاب الإمارة : باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (١٨٣٤) بلفظ «من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن يعصني فقد عصى الله ... الحديث» ؛ وأحمد في مسنده (٢ / ٢٥٢ ، ٢٧٠ ، ٣٨٦) ، وابن ماجه في سننه (١ / ٤٣) في المقدمة ، رقم (٣) وذكره الهيثمي في المجمع (٩ / ١٣٤) بلفظ «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لعلي : من أحبه فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحبه الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزوجل» ؛ وقال رواه الطبراني في رواية حرب بن الحسن الطحان عن يحيى بن يعلى ، وكلاهما ضعيف.
(٤) أخرجه الطبراني في الكبير (٢٢ / ١٥٤) رقم ٤١٣ ، عن واقد مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذكره الهيثمي في المجمع (٢ / ٢٥٨) وعزاه للطبراني في الكبير عن واقد مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : فيه الهيثم بن جماز ؛ وهو متروك.
وله شاهد من حديث خالد بن أبي عمران مرسلا ، أخرجه عنه سعيد بن منصور في سننه ٢ / ٦٣٠ (٢٣٠) ، وذكره الهندي في الكنز (١٨٢٦) وعزاه للطبراني في الكبير عن واقد مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١٩٢٤) وعزاه للطبراني في الكبير ـ أيضا ـ عن الحسن بن سفيان ، وابن عساكر عن واقد ، وسعيد ـ