مكان ، ويكون احتجاج العدين عبثا ، جل عن ذلك.
ثم ما ذكر يحتمل الأحكام والحدود ، والأوامر (١) والنواهي ، وذلك يوجب أن التناسخ والخصوص والعموم لا (٢) يكون مختلفا.
ويحتمل : الإخبار ، والوعد والوعيد ، ونحو ذلك ، وأعني بالإخبار : عن الغيب ، وعما كان أخبر ـ عزوجل ـ عن شرك المنافقين ، وعما إليه مرجع الأمور ، وعما كان عنهم ، ونحو ذلك مما خرج كذلك ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٣) فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) (٨٤)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ)
وفي حرف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : «وإذا جاءهم نبأ من خوف أو أمن أذاعوه» وكذلك في حرف حفصة (٣).
قال الكسائي : هما لغتان ، أذعت به وأذعته : إذا أفشيته.
وقيل : سمعوا به وأفشوه.
وقيل : أفشوه وأشاعوه (٤).
ثم اختلف فيمن نزلت : قال الحسن : نزلت في المؤمنين ؛ وذلك أنهم إذا سمعوا خبرا من أخبار السرايا والعساكر ـ مما يسرّون ويفرحون ـ أفشوه في الناس ؛ فرحا منهم ، وإذا
__________________
(١) في ب : الأمور.
(٢) في ب : ولا.
(٣) قوله : (أَذاعُوا بِهِ) : جواب إذا ، وعين أذاع ياء ؛ لقولهم : ذاع الشيء يذيع ويقال : أذاع الشيء ، أيضا بمعنى المجرد ، ويكون متعديا بنفسه وبالباء ، وعليه الآية الكريمة ، وقيل : ضمن «أذاع» معنى «تحدث» ؛ فعدّاه تعديته ، أي : تحدثوا به مذيعين له ، والإذاعة : الإشاعة ، قال أبو الأسود :
أذاعوا به في الناس حتى كأنه |
|
بعلياء نار أوقدت بثقوب |
والضمير في «به» يجوز أن يعود على الأمر ، وأن يعود على الأمن أو الخوف ؛ لأن العطف ب «أو» والضمير في «ردوه» للأمر ، ينظر : اللباب لابن عادل (٦ / ٥٢١ ، ٥٢٢).
(٤) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٦٩ ـ ٥٧٠) (٩٩٩٠) عن قتادة ، و (٩٩٩٢ ، ٩٩٩٣) عن ابن عباس ، (٩٩٩٥) عن أبي معاذ ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٣٣) وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن ابن عباس والسدي ، ولابن المنذر عن ابن عباس.