والثالث : وحرض المؤمنين على المجاهدة والقتال معهم ؛ وعدا بالنصر لهم ، والفتح ، والغنيمة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا).
وال «عسى» من الله واجب ؛ وعد الله نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يكف عنهم بأس الذين كفروا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً).
قيل : وقوله : (أَشَدُّ بَأْساً) ؛ لما يدفع بأس المشركين عنكم ، ولا يقدرون هم دفع بأس الله عن أنفسهم ؛ فبأس الله أشد.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) ، قيل : التنكيل : هو العذاب الذي يكون للآخر (١) فيه زجر ومنع.
وقيل : حين قال له : (لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) ؛ ولو لم يتبعك أحد من الناس ـ لكف الله عنك بأس المشركين.
وقيل : البأس : هو عذاب الدنيا ، والتنكيل والنكال : هو عذاب الآخرة ؛ كأنه يخوفهم ببأسه ؛ لتخلفهم عن العدو ومخافة بأسهم وعذابهم ؛ فأخبر [الله ـ عزوجل ـ](٢) أن بأس الله وعذابه أشد من بأس الأعداء ، والله أعلم.
قوله تعالى : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) (٨٥)
قوله تعالى : وقوله ـ عزوجل ـ : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها)(٣)
لم يذكر ما تلك الشفاعة التي يشفع ؛ فيحتمل الشفاعة الحسنة : هي الدعاء له بالمغفرة والرحمة ، وهو لذلك مستوجب ؛ فيكون له بذلك نصيب. والشفاعة السيئة : هي الدعاء عليه باللعن والمقت ، وهو لذلك غير مستوجب ؛ فيكون له بذلك نصيب.
وقيل : هو كقول العرب : «الدالّ على الخير كفاعله» ، من دل آخر على الخير ؛ فله في ذلك نصيب ، وكذلك من دل آخر على الشر.
ويحتمل : الشفاعة الحسنة : في مظلمة ، يسعى في دفع مظلمة عن أخيه المسلم ، وهي
__________________
(١) في ب : لآخر.
(٢) سقط من ب.
(٣) قال القاسمي (٥ / ٣٣١) : قال السيوطي في الإكليل : في الآية مدح الشفاعة ، وذم السعاية : وهي الشفاعة السيئة ، وذكر الناس عند السلطان بالسوء ، وهي معدودة من الكبائر.