وقيل : هو الدعاء لهم بالمغفرة والسلامة ، وهو ما ذكرنا بدءا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً).
قيل : شهيدا (١).
وقيل : حفيظا (٢).
وقيل : كافيا مقتدرا ؛ يقال : أحسبني هذا ، أي : كفاني (٣).
وقال الكسائي : مشتقة من الحساب ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) [الإسراء : ١٤] أي : حاسبا ؛ كالأمير والآمر ، والقدير والقادر ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ).
هذا ـ والله أعلم ـ لما ألزم الله ، وأجرى على ألسنتهم أنه الله ، وأنه خالق السموات والأرض ، وأنه خالقهم ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزخرف : ٨٧] : أخبر أن الذي سميتموه «الله» وقلتم : إنه خالق السموات والأرض ـ هو واحد ، لا إله غيره ، ولا رب سواه ، هو واحد ، لا شريك معه ولا ند ، وأن الأصنام التي تعبدونها دون الله قد تعلمون أنها لا تنفعكم إن عبدتموها ، ولا تضركم إن تركتم عبادتها ، وبالله التوفيق.
وقوله : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) قيل فيه بوجهين :
قيل : «ليجمعنكم ليوم القيامة» (٤) ؛ كقوله : (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ)
وقيل : ليجمعنكم في القبور إلى يوم القيامة ثم يبعثكم (٥) ، والله أعلم.
وقوله : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً)
معناه ـ والله أعلم ـ : أنكم تقبلون (٦) الحديث بعضكم من بعض ، وإن حديثكم يكون صدقا ويكون كذبا ؛ فكيف لا تقبلون حديث الله وخبره في البعث وما أخبر في القرآن ، وحديثه لا يحتمل الكذب؟! هذا ـ والله أعلم ـ تأويله.
قوله تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ
__________________
(١) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٣٩) وعزاه لابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير.
(٢) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٩١) (١٠٠٤٧ ، ١٠٠٤٨) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٣٩) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر عن مجاهد.
(٣) ينظر تفسير ابن جرير (٨ / ٥٩١) ، والرازي (١٠ / ١٧٢) ، والبغوي في تفسيره (١ / ٤٥٨).
(٤) ينظر : الرازي في تفسيره (١٠ / ١٧٢).
(٥) انظر السابق.
(٦) في ب : تقلبون.