قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (٩٢) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٩٣)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) اختلف فيه :
عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) : أي : لا ينبغي لمؤمن أن يقتل مؤمنا بغير حق عمدا ، إلا خطأ فيما لا يملكه (١).
وقيل : (إِلَّا) بموضع الواو ، كأنه قال : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا متعمدا ولا خطأ ، وذلك جائز في اللغة (٢).
وقيل : وما كان ينبغي لمؤمن أن يترك قتله إذا قتل آخر عمدا إلا خطأ ، فإنه يترك قتله ولا يقتل به ؛ وهو قول أبي بكر الكسائي.
وقيل : وما كان ينبغي لمؤمن أن يترك حكم قتله إلا خطأ.
قال أبو بكر الكسائي : حكم القتل ما ذكرنا من القصاص والقود ، أو كلام نحو هذا.
ويحتمل قوله : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً) قط بعد ما سبق من الله بيانه في غير آي من القرآن ، نحو قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) [البقرة : ١٧٨] ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة : ٤٥] ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) [الإسراء : ٣٣] ، وغيرها من الآيات
(إِلَّا خَطَأً) فإنه لم يسبق منه الحكم فيه إلا في هذه الآية.
وقيل : وليس لمؤمن أن يقتل مؤمنا على (٣) كل حال إلا أن يقتله مخطئا ؛ فعليه ما في القرآن (٤). وهو قريب مما ذكرنا.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط لأبي حيان (٣ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤).
(٢) ينظر : البحر المحيط لأبي حيان (٣ / ٣٣٤) ، والدر المصون (٢ / ٤١٣).
(٣) في ب : في.
(٤) تقدم.