بين الله ـ تعالى ـ أهل العذر في ذلك ؛ حيث قال : (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً).
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : كنت أنا وأمي من المستضعفين (١)
(فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ)(٢)
و «عسى» من الله واجب ؛ كأنه يقول : فأولئك يعفو الله عنهم.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(١٠٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً)
قيل : المراغم : المذهب والملجأ ، وسعة في الرزق ، أي : يجد في الأرض ، وفي غير الأرض التي هم فيها ـ ما ذكر.
وقيل : المراغم : المتزحزح ، أي : يجد متزحزحا عما يكره وبراحا.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : المراغم : التحول من أرض إلى أرض ، والسعة في الرزق (٣).
وقيل : من الضلالة إلى الهدى ، ومن العيلة إلى الغنى (٤).
وقيل : المراغم : المهرب (٥).
وقيل : لما نزلت هذه الآية (٦) سمعها رجل وهو شيخ كبير ـ وقيل : إنه مريض ـ فقال : والله ما أنا ممن استثنى الله ؛ وإنى لأجد حيلة ، والله لا أبيت الليلة بمكة ؛ فخرجوا به يحملونه حتى أتوا به التنعيم ، فأدركه الموت بها ؛ فصفق يمينه على شماله ، ثم قال : اللهمّ
__________________
(١) أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (٩ / ١٠٩) رقم (١٠٢٧٠) ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٣٦٦) لعبد بن حميد وابن جرير.
(٢) قال القاسمي (٥ / ٤٠٣) : قال السيوطي في الإكليل : استدل بالآية على وجوب الهجرة من دار الكفر إلا على من لم يطقها. وعن مالك : الآية تقتضي أن كل من كان في بلد تغيّر فيه السنن فينبغي أن يخرج منه. ا ه.
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري (٩ / ١١٩) رقم (١٠٢٩٦) ، رقم (١٠٣٠٦) ، وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ٣٦٨) لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن جرير.
(٤) أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (٩ / ١٢١) رقم (١٠٣٠٨) عن قتادة ، وعزاه السيوطي في الدر (٣ / ٣٦٨) لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
(٥) أخرجه الطبري في التفسير (٩ / ١٢٠ ، ١٢١) رقم (١٠٣٠٤) ولفظه : «المراغم : المهاجر» ، عن ابن وهب عن أبي زيد ، وعزاه له السيوطي في الدر (٣ / ٣٦٨).
(٦) في أ : السورة.