يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة : ١٨٥] ، وهذا حرف لا يستعمل في موضع الأمر والإيجاب ، والله أعلم.
وسلّم قوم لهم هذا المعنى في الآية ، وردوا القصر إلى [قصر للخوف](١) يلحق عند الضرب في الأرض ، وإذن كان على وجهين :
أحدهما : في بيان المراد في قوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) [البقرة : ٢٣٩] أنه : ليس على تمام المعروف من الصلاة ؛ لكن على القصر على الحد الذي ينتهي إليه الخوف من أمر القبلة ، أو ترك القيام والركوع والسجود ، وإلى الإيماء والقعود ، والله أعلم.
والثاني : ما في قوله : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ ...) الآية [النساء : ١٠٢] ، وإنما يذكر ذلك في أحوال لهم الانفراد وهو أحوال السفر ، ومعلوم أن ذلك في حق قصر الاقتداء فكأنه قال : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) في الاقتداء به ، وإن قصرتم في الاقتداء عن تمام حقه من الجماعة ، وكذلك إصابة الكل أفضل ؛ فبين أن ارتفاع ذلك لا يمنعكم الاقتداء ، ولا يلزمكم نصب إمام آخر ؛ لتؤدوا جميع [الصلاة في](٢) الجماعة ، وأيد الوجهين قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) إلى قوله تعالى : (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ) [النساء : ١٠١ ـ ١٠٢] ؛ [فالقصر في](٣) السفر على ما عليه ، ليس للخوف ؛ وأيّد ذلك ما التبس على عمر ـ رضي الله عنه ـ حتى سأل عن ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» (٤) ، بمعنى : حكم حكم الله عليكم في أن لم يفرض عليكم في السفر غير ركعتين ، [هو من جميع](٥) المذكور عن الله من العفو ؛ فهو في الإسقاط ، وأيد ذلك ما كان يقول عمر ـ رضي الله عنه ـ بعد ذلك : «صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم» (٦). فعلم أن ذلك ليس في حق الآية ؛ لكن في ابتداء الشرع ، وعلى ذلك المروي بأن الصلاة كانت في الأصل ركعتين ، فزيدت في الحضر وأقرت في السفر ، وإلى هذين التأويلين يتوجه قول أصحابنا ، رحمهمالله.
وقد تحتمل الآية قصر الصلاة (٧).
__________________
(١) في أ : معنى خوف.
(٢) في أ : أعمال.
(٣) في ب : وصلاة.
(٤) تقدم.
(٥) في أ : فالتصدق.
(٦) تقدم.
(٧) في ب : السفر.