وقوله ـ عزوجل ـ : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)
قيل : يعني : أصحاب طعمة (١) ؛ أي : لو خاصمتم عنهم يا هؤلاء في الدنيا
(فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)
أي : لا أحد يخاصم عنهم يوم القيامة.
(أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) يخاصم عنهم يوم القيامة.
وقيل : كفيلا (٢) ، أي : في الدفع عنهم ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) [غافر : ٣٥] ، أي : في دفعها وإرادة أن يدحضوا بالباطل.
وقيل : رقيبا.
وقيل : كفيلا.
والوكيل : هو القائم بحفظ الأمور ، والقاضي للحوائج ، والمزيح للعلل.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً (١١٠) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (١١٢) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)(١١٣)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ)
هما سواء ، أي : من عمل سوءا فقد ظلم نفسه ، ومن ظلم نفسه فقد عمل سوءا.
ويحتمل ما قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : من يعمل سوءا إلى الناس ، أو يظلم نفسه فيما بينه وبين الله.
ثم روي عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : أرجى آية (٣) في القرآن هذه قوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ...) الآية.
وروي عنه ـ أيضا ـ قال : أربع آيات من كتاب الله ـ تعالى ـ أحب إلى من حمر النعم وسودها ـ : قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها) [النساء : ٤٠] إلى آخره ، وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء : ٤٨] ،
__________________
(١) ذكره بنحوه ابن جرير (٩ / ١٩٣) ، وأبو حيان في البحر (٣ / ٣٦٠).
(٢) ذكره البغوي في تفسيره (١ / ٤٧٨) ، والرازي في تفسيره (١١ / ٣٠) ، وابن عادل في اللباب (٧ / ١٠).
(٣) في ب : الآية.