قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)(١١) (١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)
قيل : قوله : (يُوصِيكُمُ اللهُ) أي : يفرضكم الله (٢) ، وقد سمى الله ـ تعالى ـ الميراث
__________________
ـ الوصية بالثلث ، وابن ماجه (٢ / ٩٠٣) كتاب الوصايا : باب الوصية بالثلث ، حديث (٢٧٠٨) ، وأحمد (١ / ١٧٩) ، والدارمي (٢ / ٤٠٧) كتاب الوصايا : باب الوصية بالثلث ، وأبو داود الطيالسي (١ / ٢٨٢ ـ منحة) رقم (١٤٣٣) وعبد الرزاق (٩ / ٦٤) رقم (١٦٣٥٧) ، والحميدي (١ / ٣٦) رقم (٦٦).
وأما الحديث الثاني وهو : «إن الله ـ تعالى ـ تصدّق عليكم بثلث أموالكم ؛ زيادة في أعمالكم عند وفاتكم» فأخرجه ابن ماجه (٢ / ٩٠٤) كتاب الوصايا : باب الوصية بالثلث ، حديث (٢٧٠٩) ، والبيهقي (٦ / ٢٦٩) كتاب الوصايا : باب الوصية بالثلث ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١ / ٣٤٩) كلهم من طريق طلحة بن عمرو المكي عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم».
والحديث ذكره الحافظ في «التلخيص» (٣ / ٩١) وعزاه أيضا للبزار.
وقال البزار : لا نعلم رواه عن عطاء إلا طلحة بن عمرو ، وهو وإن روى عنه جماعة فليس بالقوى.
قال البوصيرى في الزوائد (٢ / ٣٦٦) : هذا إسناد ضعيف ؛ طلحة بن عمرو الحضرمي المكي ، ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والبخاري وأبو داود والنسائي والبزار والعجلي والدارقطني وأبو أحمد الحاكم وغيرهم. أ. ه.
(١) قال القرطبي (٥ / ٤٠ ـ ٤١) : قال ابن المنذر : لما قال ـ تعالى ـ : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) [النساء : ١١] فكان الذي يجب على ظاهر الآية أن يكون الميراث لجميع الأولاد المؤمن منهم والكافر ، فلما ثبت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا يرث المسلم الكافر» علم أن الله أراد بعض الأولاد دون بعض ؛ فلا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم على ظاهر الحديث.
ثم قال ـ رحمهالله ـ : اعلم أن الميراث كان يستحق في أول الإسلام بأسباب منها : الحلف والهجرة والمعاقدة ، ثم نسخ على ما يأتي بيانه في هذه السورة عند قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ) [النساء : ٣٣]. إن شاء الله تعالى. وأجمع العلماء على أن الأولاد إذا كان معهم من له فرض مسمّى أعطيه ، وكان ما بقى من المال للذكر مثل حظ الأنثيين ؛ لقوله عليهالسلام : «ألحقوا الفرائض بأهلها» رواه الأئمة. يعني الفرائض الواقعة في كتاب الله تعالى. وهي ستة : النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.
قال القاسمي في محاسن التأويل (٥ / ٥٥) : قال الحافظ ابن كثير : أجمع العلماء من السلف والخلف على أن الدين مقدم على الوصية.
(٢) قاله الزجاج ؛ كما في تفسير الفخر الرازي (٩ / ١٦٥).