(وَيُمَنِّيهِمْ)
هو ما ذكرنا من الأماني وقضاء الشهوات في الدنيا
(وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً)
والغرور : هو أن يرى شيئا يظهر خلافه.
(أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً)
الآية ظاهرة ، قيل : مفرا ، وقيل : ملجأ.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً)
قد ذكرنا هذا فيما تقدم : أن الإيمان هو التصديق ، والأعمال الصالحات غير التصديق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً)
تأويل هذا ـ والله أعلم ـ أن يقال : إنكم ممن تقبلون الأخبار والقول من الناس ، ثم لا أحد أصدق قولا من الله ـ تعالى ـ ولا أنجز وعدا منه ؛ كيف لا تقبلون قوله وخبره أنه بعث ، وجنة ، ونار ، وتكذبون قول إبليس أن لا جنة ، ولا نار ، ولا بعث؟!.
قوله تعالى : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٢٣) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (١٢٤) وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً (١٢٥) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً)(١٢٦)
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)
أخبر ـ عزوجل ـ أن الأمر ليس بالأماني ؛ ولكن إلى الله ـ عزوجل ـ فهو ـ والله أعلم ـ يحتمل أن يكون في المنزلة والقدر عند الله ؛ لأنهم قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) ، وقالوا : (قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) [آل عمران : ٢٤] ، وغير ذلك من الأماني.
وأهل التأويل يذهبون إلى غير هذا ، وقالوا : إن كل فريق منهم كانوا يقولون : إن ديننا خير من دينكم ، ونحن أفضل من هؤلاء ؛ فنزل : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ). وذلك بعيد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)
اختلف فيه ؛ قال بعضهم : قوله ـ تعالى ـ : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) ، يعنى : ركا يجز به ؛ يدل على ذلك قوله ـ عزوجل ـ : (وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا