وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) الآية [النساء : ٣٢] ، هذا في الميراث. وأما في الحقوق فقال الله ـ عزوجل ـ : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة : ٢٢٨]. ويحتمل غيرها من الحقوق سوى حقوق النكاح ، فترك البيان في الجواب ؛ لما ذكر واحدا فواحدا في غيرها من الآي ؛ إذ الجواب خرج مخرج العدة أنه يفعل بقوله ـ عزوجل ـ : (يُفْتِيكُمْ) ، وقد فعل هذا ، والله أعلم.
ويحتمل غير هذا : وهو أن يترك البيان في السؤال والجواب ؛ لنوازل يعرفها أهلها ، لم يحتج إلى بيان ما وقع به السؤال ؛ لمعرفة أهلها [به](١).
ويحتمل ما قاله أهل التأويل : وهو أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار من الأولاد ؛ وإنما كانوا يورثون المقاتلة من الرجال والذين يحرزون الغنائم ، فلما بين الله ـ عزوجل ـ للنساء وللصغار (٢) نصيبا في الأموال ، وفرض لهم حقّا ، سألوا [عند ذلك](٣) رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ؛ فأنزل الله ـ تعالى ـ : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَ) ، وكذلك روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ وذكر القصة هكذا ، والله أعلم.
ويحتمل : أن يكون السؤال وقع عن يتامى النساء ؛ ألا ترى أنه قال ـ عزوجل ـ : (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) الآية.
قيل : كانت اليتيمة في حجر الرجل ذات مال ؛ يرغب عن أن يتزوجها لدمامتها ، ويمنعها عن الأزواج ؛ رغبة في مالها ، وهكذا روي عن عائشة ، رضي الله عنها (٤).
وعلى ذلك يخرج قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ...) الآية [النساء : ٣].
وقوله : (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ)
هذا ـ والله أعلم ـ كأنه معطوف على قوله : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) ، والمستضعفون من الولدان ، على ما ذكرنا من الميراث والحقوق.
(وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ)
في إبقاء حقوقهم وأداء ما لهم عليكم.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في ب : والصغار.
(٣) سقط من ب.
(٤) تقدم في أول السورة.