غلف فيه.
ثم قال ـ عزوجل ـ : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ).
يحتمل أن يكون هذا جوابا وردّا على قولهم : إن قلوبنا أوعية للعلم ، لا تسمع شيئا إلا وعته ؛ أخبر ـ عزوجل ـ أنه طبع على قلوبهم بكفرهم ؛ فلا يفقهون شيئا ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٥٨) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)(١٥٩)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً).
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : قذفوها بالزنا (١) ، وهو قولهم : (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) [مريم : ٢٧].
وقيل في قوله ـ تعالى ـ : (وَبِكُفْرِهِمْ) أي : كفرهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبالقرآن ، وقولهم على مريم ما قالوا : (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) [مريم : ٢٧]
(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ).
قيل : سمي مسيحا ؛ لأن جبريل صلىاللهعليهوسلم مسحه بالبركة ؛ فهو كالممسوح الفعيل (٢) ، بمعنى : المفعول (٣) ، وذلك جائز في اللغة.
وقيل : المسيح ، بمعنى : ماسح ؛ لأنه كان يمسح المريض والأبرص والأكمه فيبرأ ؛ فسمى لذلك مسيحا ، وذلك جائز الفعيل بمعنى فاعل ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ ...) الآية.
لبعض الناس تعلق بهذه الآية بوجهين :
أحدهما : في احتمال الغلط والخطأ في المشاهدات والمعاينات.
والثاني : في احتمال المتواتر من الأخبار الغلط والكذب ؛ وذلك أنه قيل في القصة : إن اليهود طلبت عيسى ـ عليهالسلام ـ ليقتلوه ، فحاصروه في بيت ومعه نفر غير أصحابه من الحواريين ، فأدركهم المساء ؛ فباتوا يحرسونه (٤) ؛ فأوحي الله ـ تعالى ـ إلى عيسى ـ عليه
__________________
(١) أخرجه ابن جرير في التفسير (٩ / ٣٦٧) رقم (١٠٧٧٦) ، وزاد نسبته السيوطي في الدر (٢ / ٤٢٢) لابن أبي حاتم.
(٢) في أ : العقل.
(٣) في أ : المعقول.
(٤) في ب : يحرسون.