وقال بعضهم : (إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) أي : قبل موت الكتابي ؛ لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ، عليهالسلام. [وكذلك روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ـ عليهالسلام ـ](١) قيل : وإن ضرب بالسيف؟ قال : وإن ضرب بالسيف.
وقال : هي في حرف أبي : «إلا ليؤمنن به قبل موتهم».
لكن التأويل إن كان هو الثاني ؛ فهو في رؤسائهم الذين كانت لهم الرئاسة ، فلم يؤمنوا ؛ خوفا على ذهاب تلك الرئاسة والمنافع التي كانت لهم ، فلما حضرهم الموت أيقنوا بذهاب ذلك عنهم ؛ فعند ذلك يؤمنون ، وهو ـ والله أعلم ـ كقوله ـ تعالى ـ : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ...) [الآية](٢) [النساء : ١٨] ، لكن لا ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) [الأنعام : ١٥٨] ؛ لأنه إيمان دفع العذاب والاضطرار ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ ...) [غافر : ٨٤] الآية ؛ فكان إيمانهم إيمان دفع العذاب عن أنفسهم ، لا إيمان حقيقة ؛ لأنه لو كان إيمان حقيقة لقبل ، ولكن إيمان دفع العذاب ؛ كقول فرعون حين (٣) أدركه الغرق : (قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ) [يونس : ٩٠] ، فلم يقبل منه ذلك ؛ لأنه إيمان دفع العذاب ، وإيمان الاضطرار (٤) ، لا إيمان حقيقة ؛ فعلى ذلك الأول ، وبالله التوفيق.
وقيل في حرف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : «وإن من أهل الكتاب إلا من ليؤمنن به قبل موته».
وفي حرف حفصة ـ رضي الله عنها ـ : «وإن كل أهل الكتاب لما ليؤمنن به قبل موته».
وقيل : (إِلَّا لَيُؤْمِنَنَ) [النساء : ١٥٩] قيل : بالله (٥).
وقيل : بعيسى (٦).
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٢) سقط من ب.
(٣) في ب : حتى إذا.
(٤) في ب : اضطرار.
(٥) ينظر : اللباب (٧ / ١١٨).
(٦) أخرجه الطبري في تفسيره (٩ / ٣٨٢) رقم (١٠٨٠٩) عن ابن عباس ، ورقم (١٠٨١٠ ـ ١٠٨١٣) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٤٢٨).