وقيل : بمحمد صلىاللهعليهوسلم ؛ ذلك أن عيسى صلىاللهعليهوسلم إذا نزل يدعو الناس إلى الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)
قيل : إنه يكون عليهم شهيدا بأنه قد بلغ رسالة ربه إليهم ، وأقر على نفسه بالعبودية (٢).
وقيل : الشهيد : الحافظ.
وقيل : «ويوم القيامة يكون عيسى عليهم شهيدا».
وقيل : يكون محمد عليهم شهيدا ، وهذا كله محتمل (٣) ، والله أعلم ما أراد.
قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦١) لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً)(١٦٢)
وقوله : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ)
لو لا آية أخرى سوى هذه ؛ [وإلا](٤) صرفنا قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ) على المنع ، دون حقيقة التحريم ؛ لأنهم أهل كفر ؛ فلا يبالون ما يتناولون من المحرم والمحلل ، ولا يمتنعون عن التناول من ذلك ؛ فإذا كان ما ذكرنا ـ فيجىء أن يعود (٥) تأويل الآية إلى المنع ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ) [القصص : ١٢] فليس هو على التحريم ؛ ولكن على المنع ؛ أي : منعناه ؛ فلم يأخذ من لبن المراضع دون لبن أمه ؛ فعلى ذلك يجب أن يكون الأول.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٩ / ٣٨٦) رقم (١٠٨٢٩) عن عكرمة ، وقال الطبري : وأولى الأقوال بالصحة والصواب ـ قول من قال : تأويل ذلك : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى ؛ وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من غيره من الأقوال ؛ لأن الله ـ جل ثناؤه ـ حكم لكل مؤمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم بحكم أهل الإيمان في الموارثة والصلاة عليه ، وإلحاق صغار أولاده بحكمه في الملة ؛ فلو كان كل كتابي يؤمن بعيسى قبل موته ـ لوجب ألا يرث الكتابيّ إذا مات على ملته إلا أولاده الصغار ، أو البالغون منهم من أهل الإسلام إن كان له ولد صغير أو بالغ مسلم ، وإن لم يكن له ولد صغير ولا بالغ مسلم ـ كان ميراثه مصروفا حيث يصرف مال المسلم يموت ولا وارث له ، وأن يكون حكمه حكم المسلمين في الصلاة عليه وغسله وتقبيره ...».
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (٩ / ٣٩٠) رقم (١٠٨٣٢) ، عن قتادة ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٤٢٧ ، ٤٢٨) لعبد الرزاق وابن المنذر وعبد بن حميد عن قتادة.
(٣) ينظر : اللباب لابن عادل (٧ / ١٢٠).
(٤) في ب : لا.
(٥) في ب : يصرف.